شيخ العقل لدروز سورية : حمايتكم لن تكون من قبل عدو طامع باستخدامكم
آذار 04, 2025

شدّد شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى على "أنّنا إذا كنَّا نتوقُ لأن نرتاحَ يوماً ما في خضمِّ هذا المحيطِ المتلاطم الذي نعيش فيه، من لبنانَ إلى فلسطينَ وسوريا والجوار، لكنَّ الواقعَ المعقَّدَ نتيجة اغتصاب فلسطينَ من اهلها لن يسمح لنا بذلك بسهولة، فهذه هي سوريا المشتعلةُ فيها نيرانُ الثورة منذ العام 2011، والتي قَتل فيها النظامُ الساقطُ الآلافَ من شعبها وهجّر الملايين ودمَّر المدن والقرى واستدعى جيوشَ الدول للتواجد على أرضها، ها هي اليوم تنتصر على نظام الاستبداد وتطرد قادته وتحقّق أمنياتِ الشعب السوريِّ الجريح. لكنَّ الاستقرار لم يتحقَّق بالكامل، والدولةَ الفتيَّة ما زالت تحت مجهر التحدّي والاختبار، وعلى الجميع أن يمنحوها الوقتَ والعونَ لذلك، وأن يَمحضوها الثقةَ كما فعل وليد جنبلاط وفعلنا منذ اللحظة الأولى للانتصار".

وأضاف: "الموحدون الدروز في سوريا ما زالوا كغيرهم يتلمَّسون سبلَ المشاركة والانخراط في مهمة بناء الدولة وحفظ الأمن وتأمين العيش الكريم، بينما تُمعنُ القيادةُ الإسرائيليةُ في إغراء الدروز بادِّعاء الحرص عليهم، وتسعى إلى تنفيذ مخططاتَها التوسّعية تحت ذريعة حمايتهم، ولكنَّ مطلبَ الجبل كان ويبقى وحدةَ سوريا أرضاً وشعباً، ورفضَ أيِّ نوعٍ من أنواع التبعيّة أو الانفصال، وهو ما ينسجم مع تاريخهم الوطنيِّ والعربيِّ المجيد؛ وما يحرص عليه حكماؤُهم وقادةُ مجتمعِهم ورجالُهم الوطنيُّون الأحرار".

وأكّد أنّ "الموحِّدين الدروز رفضوا ويرفضون القولَ بحقوقِ الأقليات، ويُصرُّون على وحدة أوطانهم، وأوّلُها وحدةُ سوريا، وعلى أن حقوق السوريين يجب أن يضمنها دستورٌ عصريّ ونظامٌ ديمقراطي وقوانينُ وضعيّة تكرِّس الدولةَ الوطنية الجامعة".

إلى ذلك، شدّد شيخ العقل على أنّه "على أحرار سوريا، وأحفاد سلطان باشا الأطرش في طليعتهم، أن يَحذروا من الانجرار إلى الفوضى التي يريدُها الأعداءُ لهم، وألّا يقبلوا بالانعزال عن محيطهم العربي والإسلامي ولا ينجرفوا مع المخطّط الصهيوني الذي يهدف، كما يبدو، إلى تقطيع أوصال سوريا تمهيداً لتفتيت العالم العربي وإضعافه. وهذه مسؤوليةٌ ملقاةٌ على العرب ليتصدُّوا لذلك المشروع التخريبي قبل فوات الأوان، كما قال بالأمس وليد جنبلاط في مؤتمره الصحفي متقدِّماً في تحذيره وموقفه على الجميع".

وتابع: "إنَّ لقاءنا اليومَ، يهدفُ إلى إعلاء الصوت ليسمعَ القاصي والداني بأنَّ الموحدين الدروز محميُّون أوّلاً بتعلُّقُهم بالثوابت، ومحميُّون بعون الله بوحدتهم وتماسكهم وباندماجهم الاجتماعي مع مكوّنات أوطانهم، ومحميُّون بمشاركتِهم الفاعلة في بناء دولتهم، لتكون قوية حاضنة للجميع وقادرة على طمأنتهم".

وركّز على أنّ "حمايتهم لن تكون، كما يتوهَّمُ بعضُهم، من قبل عدوٍّ طامعٍ باستخدامهم لهذا الغرض او لذاك الهدف، فيكونوا حراسَ حدودٍ هنا او عمالاً مأجورين هناك، أو تابعين محكومين لهذا أو لذاك من الأنظمة، أو خارجين عن حقيقة انتمائهم وهويتهم، ومفصولين عن تاريخِهم وتراثِهم وعمقِهم العربيِّ الذي يتوجَّبُ على قادته أن يندفعوا لاحتضانهم ودعمهم، وألا يتخلَّوا عن شريحة عربيةٍ أصيلة جاهدت وقدَّمت التضحيات الجسامَ دفاعاً عن الثغور وصوناً للهوية العربية الإسلامية المشرقية".

ولفت أبي المنى إلى أنّ "هذا ما نادى به في القرن الماضي القادةُ الموحِّدون الدروز في لبنان وسوريا، وهذا ما حمل رايته أعلامٌ من بني معروف من فلسطين الذين أعلنوا مراراً تمسَّكَهم بالانتماء للقومية العربية، وعدمَ انصياعهم لمحاولات سلخهم عن جذورهم وإلحاقهم بقومية درزية مصطنعة أو بدويلة درزية موعودة، وهذا ما يؤكد عليه اليومَ بحزمٍ ومسؤولية جنبلاط وقادةُ الدروز الثابتون في مواقعهم ومواقفهم دون أدنى تراجعٍ أو التواء، وهو ما نقول به دائماً في مشيخة العقل؛ وما ننادي به على رؤوس الأشهاد بكلِّ فخرٍ واعتزاز".

وأضح أنّ "تلك هي مواقفنا التي نُعلنُها بأخوّةٍ توحيديةٍ لا تنفصمُ عُراها، وإن كنَّا لا نتدخَّلُ بما لا يحقُّ لنا التدخُّل به خارج لبنان، إلّا أننا مطالَبون أمام الله والتاريخ بالتأكيد على الثوابت، ولنا ملءُ الثقة بإخواننا أولي الحكمة والشجاعة والأصالة في سوريا وفلسطين بأنهم حريصون مثلَنا عليها حرصَهم على حقوقهم في أوطانهم".