ماذا أرادت القسّام أن تقول في مشهدية إطلاق الأسيرات .. وكيف تلقّف نتنياهو المشهد؟
كانون الثاني 26, 2025

في مشهد مهيب وحاشد عسكرياً ومدنياً، ومن وسط مدينة غزة وقطاعها الذي تعرّض لحرب إبادة لمدة 14 شهراً على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي، ومن تحت ركام الأنقاض، وفي ساحة فلسطين، خرجت كتائب القسّام وسرايا القدس بكامل عتادها العسكري وجهوزيتها الحربية، وانتشر عناصرها في الساحة ومحطيها وقرب المنصّة التي خُصّصت للتوقيع على استلام الدفعة الثانية من الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية بموجب الاتفاق الذي قضى بوقف اطلاق النار وإطلاق الأسرى لدى المقاومة ومئات المعتقلين الفلسطينيين لدى الاحتلال.

قبل نحو ساعة من عملية الإطلاق احتشد مئات الفلسطينيين من أجيال متعدّدة في ساحة فلسطين وسط غزة، وما هي إلا دقائق حتى وصلت سيّارات دفع رباعي ودراجات نارية أقلّت المئات من مقاتلي القسّام بزّيهم العسكري الكامل وعتادهم الحربي وعصبتهم الخضراء، وأخذ المقاتلون أماكنهم في الساحة ومحيطها لتأمين عملية اطلاق الدفعة الثانية من الأسرى في جو من الانضباط العام والأوامر الصارمة من القيادة والتزام كامل من المقاتلين. وما هي إلاّ لحظات قليلة حتى وصلت سيّارات أخرى تقلّ مقاتلين من سرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي، وبتنسيق كامل مع زملائهم في القسّام توزّع العناصر المسؤولية ورسموا صورة بهيّة للمقاومة الفلسطينية وصمودها الأسطوري.

قرابة الساعة الحادية عشرة صباحاً وصلت أربع سيارات للصليب الأحمر الدولي إلى ساحة فلسطين وبتوجيهات من أحد قادة القسّام أخذت مكانها في طرف الساحة، ثم تلتها خمس سيّارات مغلقة وداكنة الزجاج وأخذت بتوجيهات من أحد قادة القسّام مكانها في الطرف الثاني من الساحة. لقد كانت هذه السيارات تقلّ عناصر وحدة الظلّ وقد اصطحبوا معهم الأسيرات اللواتي أعلن الناطق باسم القسّام أبو عبيدة قبل يوم عن أسمائهن. لحظات قليلة وتوجّه أحد قادة القسّام إلى إحدى السيّارات وأدى التحيّة العسكرية لقائد آخر كان يجلس في المقعد الأمامي واستلم منه أربع ملفات ثمّ توجّه بها إلى المنصة التي نُصبت في طرف ثالث من الساحة وسط حشود غفيرة جدّاً من الفلسطينيين حضرت لمشاهدة ومتابعة إطلاق الأسيرات. ثم حضر أيضاً مندوب الصليب الأحمر الدولي إلى المنصة، وجلس إلى جانب القائد القسّامي ووقّع كلّ منهما على وثيقة إطلاق الأسيرات.

ما إن تمّ التوقيع حتى أخرجت الأسيرات من سيارات وحدة الظلّ ومشين بحماية وحراسة هذه الوحدة وسط الساحة ثم اعتلينا المنصة وهنّ يرتدين البذّات العسكرية الإسرائيلية ويلوّحن بأيديهن إلى الجموع المحتشدة، لقد بديْن بأفضل وأحسن حالاتهن الصحيّة والعقلية. دقائق قليلة ثم يتوجّهن برفقة مندوبي الصليب الأحمر الدولي إلى السيارات التي كان قد استقدمها لنقلهنّ إلى الجانب الآخر. كان كلّ ذلك يجري بحماية وحراسة الشرطة الفلسطينية التي كانت حاضرة هي أيضاً بالزّي الرسمي الشرطي.

أمّا ماذا أرادت القسّام أن تقول من هذا المشهد المهيب فيمكن اختصاره بكلمتين: باقون هنا وقد انتصرنا.

في الطرف الآخر حيث كان نتنياهو وصحبه وقادته يتابعون المشهد كادوا يجنّون ويقولون في أنفسهم ما قاله يوماً أحد قادتهم :"ليتني أستيقظ يوماً وأجد أنّ البحر قد ابتلع غزّة".