الأقساط المدرسية .. المدارس تلتحق بسلطة المال ونهب الناس
أيلول 02, 2023

يقترب انطلاق العام الدراسي الجديد 2023-2024 حاملاً معه المصائب والويلات لأهالي الطلاب في كلّ لبنان، وأمّا السبب فيعود إلى ضغط الأزمة الاقتصادية وانهيار قيمة الليرة وفقدان الرواتب لقدرتها الشرائية من ناحية، وشجع أصحاب المدارس من الجمعيات والمؤسسات والأفراد على حدّ سواء من ناحية ثانية حتى صار المواطن وأهالي الطلاب ضحية الاثنين معاً.

فالأزمة الاقتصادية التي عصفت بلبنان أفقدت الكثير من العاملين في القطاع الخاص وظائفهم وأعمالهم لأنّ الشركات أو المؤسسات التي كانوا يعملون فيها إمّا أقفلت وإمّا لجأت إلى تقليص عدد العاملين فيها، وهي لم ترفع رواتب المتبقين لديها سوى بشكل بسيط يكاد لا يُذكر. وأمّا الذين يعملون في القطاع العام فهؤلاء حدّث ولا حرج عن مأساتهم فرواتبهم التي يتقاضونها تكاد لا تمكّنهم من الانتقال إلى أماكن عملهم إذا أرادوا أن يداوموا فيها كلّ أيام الأسبوع.

وأمّا أصحاب المدارس على تنوّعهم فقد وجدوا في الإضراب المفتوح الذي مارسه معلمو المدارس الرسمية العام الماضي، والذي ضرب المدرسة الرسمية ويهدّد بعدم فتحها العام الحالي، وجدوا في ذلك فرصة لزيادة الأقساط المدرسية على الناس بشكل مخيف وجنوني ليعوّضوا الأرباح التي كانوا يريدون جنيها من الطلاب على مدى عامين ماضيين في العام المقبل. بمعنى آخر يريدون تحقيق أرباح هذا العام عن عامين ماضيين من دون نظر إلى قدرة الأهالي أو إمكانية الوفاء بالتزاماتهم المالية تجاه المدارس، ومن دون شفقة ولا رحمة بالطلاب أو بأهلهم، وتحت عنوان زيادة رواتب المعلمين حتى يتمكّنوا من القيام بواجباتهم التعليمية، ولكن الحقيقة هي في مراكمة الأرباح وزيادتها تحت هذه الحجّة والعنوان.

ولإظهار ذلك أجرى بعض المختصين دراسة عينية حسابية كشفت أنّ حجم الأرباح التي سيحقّقها أصحاب المدارس من الأقساط المدرسية لهذا العام تفوق على أقلّ تقدير 50% من قيمة القسط المفروض على الطلاب، بمعنى آخر إنّ قيمة قسط 1000$ على الطالب تعني أنّ صاحب المدرسة سيربح من ظهر هذا الطالب 500$ على أقل تقدير. وإليكم هذه الدراسة الحسابية.

لو افترضنا أنّ مدرسة تضمّ 500 طالب موزّعين على 11 فصلاً دراسياً من الروضة حتى الصف التاسع.

ولو اعتبرنا أنّ كل فصل دراسي سيضم بشكل تقريبي حوالي 28 طالباً، فهذا يعني أنّهم سيوزّعون على 17 صف.

ولو قدّرنا أنّ كل فصل دراسي يحتاج إلى معلم ونصف فهذا يعني أنّ المدرسة بحاجة إلى حوالي 40 معلم إضافة إلى المدير والمحاسبة والحجّاب وغيرهم، فيمكن أن يصل العدد إلى 45 معلم وموظف.

ولو افترضنا أنّ راتب كل معلم وموظف من هؤلاء سيكون 400$ (وهو رقم مشكوك بإعطائهم إياه) فهذا يعني أنّ المدرسة ستصرف عليهم 45*400 = 18000* 12 شهر = 216000 $ (مشكوك أيضاً أن يمنح جميع المعلمين 12 شهراً).

ولو سلّمنا جدلاً أن مصروفات أخرى ستكون بقيمة 50000$ فهذا يعني أنّ مصاريف العام الدراسي على أكثر تعديل هي حوالي 266000$

وإذا كانت المدرسة ستحصّل 1000$ قسط عن كل طالب عدا رسوم التسجيل وغيرها فهذا يعني أنّها ستجني 500000$ خمسمئة ألف دولار للعام الواحد.

وإذا كان مصروفها 266 ألف دولار فهذا يعني أنّها ستربح على أقل تقدير 500-266 = 234 ألف دولار خلال عام واحد.

هذا ولم يتم احتساب الأرباح التي ستجنيها من الكتب والقرطاسية والنقل والأنشطة والكوستيم وغيرها.

لكلّ ذلك فإنّ أصحاب المدارس على تنوّعها إلا القليل القليل منها الذي نظر بقدرة الناس وحاجتها، التحقوا بسلطة المال ونهب الناس من دون وجه حقّ مستغلّين حاجتهم إلى تعليم أبنائهم وغياب المدرسة الرسمية الحكومية.

لكلّ ذلك فإنّ أهالي الطلاب في كل لبنان مدعوون إلى رفض هذه النهب الجديد الذي يريد أن يسرق أعمارهم وأبناءهم، وإلى التحرّك الجدّي لرفض أقساط المدارس وشجع أصحابها الذين يريدون أن يبنوا قصورهم وثرواتهم على حساب الطلاب وأهلهم.

كما وأنّ وزارة التربية وكذلك الاقتصاد والثقافة وغيرها ورئاسة الحكومة ولجنة التربية في المجلس النيابي مدعوّون جميعاً إلى التحرك ووضع حدّ لهذا الشجع الذي ليس له حدّ، وقبل أن تعمّ الفوضى ونشهد الجرائم في هذا القطاع.