أقرّ المجلس النيابي اللبناني في جلسته التي عقدها أمس
الأربعاء توصيات بخصوص ملف اللاجئين السوريين وصادق رئيس المجلس نبيه بري عليها
وأحالها إلى الحكومة وهذه أبرزها:
ــ يعاني لبنان منذ اكثر من 13 سنة من مشكلة النزوح السوري،
حيث فاقت أعداد الذين دخلوا إليه مليوني نازح يشكلون 44% من عدد السكان من دون أن تنظم
قيود دقيقة وكاملة لهم لدى السلطات الرسمية المعنية. وبالتالي، تعذر ضبط حركتهم وتنظيمها
نتيجة عدم تعاون مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وتحت أعذار مختلفة لجهة تسليم
اللوائح الموجودة بحوزتها حولهم، وفي ظل حماية معنوية من بعض الدول والهيئات. وهي نفسها
التي شجعت بقائهم في لبنان لأهداف إما سياسية أو لعدم استعدادها لاستيعاب جزء منهم
.
ــ لقد أثر النزوح السوري على لبنان اقتصادياً ومالياً واجتماعياً
وأمنياً وبيئياً، وعلى الاستقرار العام فيه، مع تنامي شعور بالقلق لدى عموم اللبنانيين
من التغيير الديمغرافي والمجتمعي. وبالمقابل، فإن هذه القضية الأكثر تعقيداً وخطورة
هي في الواقع أكثر الملفات التي توحَّد اللبنانيون حولها من منطلق وطني ورفض مقاربتها
بخلفيات عنصرية أو استهدافات خارج الأطر القانونية.
ــ إن لبنان ولكثير من الاعتبارات الاجتماعية والاقتصادية
والديموغرافية، ولكونه ليس بلد لجوء، هو غير مهيأ ليكون كذلك دستورياً وقانونياً وواقعياً.
وهذا ما أكدت عليه مذكرة التفاهم الموقعة بين الحكومة اللبنانية، ممثلة بالمديرية العامة
للأمن العام والمكتب الاقليمي لمفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين بتاريخ
9/9/2003، والمنشورة في الجريدة الرسمية العدد 52 في 13/11/2003، والتي ما زالت سارية
المفعول ومنظمة للعلاقة بين الدولة والمفوضية وهي التي تؤكد إعادة النازحين إلى موطنهم
الأصلي أو إعادة توطينهم في بلد ثالث.
ــ وانطلاقاً من هذه المقدمة، ومن دور المجلس النيابي الرقابي،
والتزاماً بالدستور والقوانين والاتفاقية المذكورة أعلاه، وبهدف إعادة الداخلين والمقيمين
السوريين غير الشرعيين في لبنان إلى بلدهم، وخلال مدة أقصاها سنة من تاريخه يوصي المجلس
الحكومة بما يلي:
1- تشكيل لجنة وزارية برئاسة رئيس الحكومة وعضوية وزراء الدفاع
والداخلية والمهجرين والشؤون الاجتماعية وقيادة الجيش والأمن العام والامن الداخلي
وامن الدولة، للتواصل والمتابعة المباشرة والحثيثة مع الجهات الدولية والإقليمية والهيئات
المختلفة، لا سيما مع الحكومة السورية، ووضع برنامج زمني وتفصيلي لإعادة النازحين،
باستثناء الحالات الخاصة المحمية بالقوانين اللبنانية والتي تحددها اللجنة.
2- تأكيد التزام لبنان مضمون الاتفاقية المشار اليها في المقدمة
كأساس للمعالجة وإلزام مفوضية اللاجئين بالوسائل الدبلوماسية تطبيق بنودها كاملة، واتخاذ
الإجراءات اللازمة للتنفيذ وتقديم الإحصاءات والملفات الخاصة بالنازحين الموجودة لديها،
والطلب منها التنسيق مع مكتبها في سوريا لتسهيل عملية اعادتهم إلى بلدهم.
3- التزام واضح بتطبيق القوانين النافذة التي تنظم عملية
الدخول إلى لبنان والإقامة فيه والخروج منه، لاسيما القانون الصادر بتاريخ
10/7/1962 والمراسيم التطبيقية ذات الصلة، ولاسيما المرسوم رقم 10188 تاريخ
28/7/1962، وبقانون العمل اللبناني والقوانين الضريبية والرسوم البلدية وغيرها.
4- القيام بالإجراءات القانونية اللازمة لتسليم السجناء من
النازحين إلى السلطات السورية، وفق القوانين والأصول المرعية.
5- دعوى المجتمع الدولي والهيئات المانحة لمساعدة الحكومة
في تخصيص الإمكانيات اللازمة للأجهزة العسكرية والأمنية من أجل ضبط الحدود البرية والتنسيق
مع الجانب السوري للمساعدة من الجهة المقابلة، وحصر حركة الدخول والخروج عبر المعابر
الشرعية بين البلدين.
6- الطلب من أجهزة الأمم المتحدة كافة، لا سيما مفوضية اللاجئين
والجهات الدولية والاوروبية المانحة اعتماد دفع الحوافز والمساعدات المالية والانسانية
للتشجيع على إعادة النازحين إلى بلدهم، ومن خلال الدولة اللبنانية ومؤسساتها أو بموافقتها،
وعدم السماح باستغلال هذا الامر للايحاء بالموافقة على بقائهم في لبنان وتشجيع هذه
الجهات على تأمين مثل هذه التقديمات في داخل سوريا.
7- الاستفادة من القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، ومنها
قرارها حول خطة التعافي المبكر الصادر العام 2021، حيث يمكن أن يشكل المدخل لتسريع
العودة إلى الداخل السوري، عن طريق المساعدات لتأهيل البنى التحتية من دون تعرض الدول
المانحة لعقوبات قانون قيصر.
8- نقل رسالة واضحة للدول والهيئات العاملة بملف النزوح،
بأن لبنان لم يعد يحتمل جعله سداً أمام انتقال النازحين إلى بلدان أخرى، وأنه بكل الأحوال
لن تكون مهمته حماية حدود هذه الدول، من إمكانية الانتقال إليها ممن يرغب أو يحاول
من النازحين مغادرة لبنان، وبأي وسيلة ممكنة. وبالتالي، فإن المسؤولية الأساس هي في
تحويل الدعم نحو تعزيز انتقال النازحين وتأمين استقرارهم في بلدهم مع ما يتطلب ذلك
من تأمين مقومات حياتهم.
9- التزام الحكومة بهذه التوصية وتقديم تقرير كل ثلاثة أشهر
للمجلس النيابي حول مراحل تنفيذ ما تضمنته.
ولاحقاً أكّد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على
التزام حكومته بالتوصيات التي صدرت عن المجلس النيابي بهذا الخصوص والعمل على
تطبيقها.