دار خلال الأيام الأخيرة جدل
أو سجال غير معلن في الأوساط السنّية في لبنان حول تفاعلهم وانخراطهم في مساندة
الشعب الفلسطيني والوقوف إلى جانبه في ظل الظلم الواقع عليه جراء العدوان الصهيوني
والمجازر التي يرتكبها بحق هذا الشعب.
فقد وجّه الكاتب والأستاذ الجامعي
المعروف رضوان السيّد نقداً لاذعاً في مقال له في موقع "أساس" للمشاركين
والمتفاعلين مع الشعب الفلسطيني دون أن ينكر مظلومية هذا الشعب غير أنّه اعتبر أن
"لبنان أولاً" وبالتالي فليس من المطلوب أن ينخرط السنّة في مواجهة
العدو الإسرائيلي لأنّ ذلك بحسب وجهة نظره يصبّ في صالح "المشروع
الإيراني" الذي لا يقلّ عن المشروع الإسرائيلي بحسب وجهة نظر السيّد. كما دعا
السيّد مفتي الجمهورية للتدخّل وإيقاف بعض العلماء والمفتين عن التصريح والخطابة
والدعوة إلى دعم الشعب الفلسطيني مشيراً بشكل خاص إلى مفتي زحلة والبقاع الشيخ علي
الغزاوي الذي رفع بندقية خلال تشييع أحد الشهداء الذين اغتالتهم إسرائيل وقال إن
العدو يجب أن يرحل عن أرضنا إما برغتبه وإمّا بالبندقية. وقد استفز الدكتور رضوان
السيّد قطاعات واسعة من الشارع السنّي بهذا الكلمة والدعوة.
فقد ردّ أمين الفتوى في
الجمهورية اللبنانية الشيخ أمين الكردي على مقال السيّد في مكانين وزمانين. خلال
خطبة الجمعة وفي احتفال لمناسبة العام الهجري الجديد، واعتبر أمين الفتوى أنّ هذا
الكلام مرفوض، وأنّ الواجب الانساني والإسلامي يدعوان لمناصرة ومساندة الشعب
الفلسطيني، وأكّد على أنّ ما قام به الشيخ على الغزاوي هو عين الصواب والحقيقة.
وقد رأى البعض في مواقف أمين الفتوى ردّاً غير مباشر من المفتي عبد اللطيف دريان
على مطالبة السيّد له بإيقاف بعض العلماء عن الخطابة والتصريح. والمعروف أنّ
المفتي دريان مؤيّد بقوة لمساندة ودعم الشعب الفلسطيني ومناهض لكل ما تقوم به
"إسرائيل" آخذاً بعين الاعتبار مصالح لبنان ومصير أبنائه. وقد تضمّن بيان
المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى الأخير ما يشير إلى ذلك.
كما وأنّ كتّاباً كتبوا
مقالات فنّدوا فيها ادعاءات السيّد ورفضوا ما جاء من دعوة للتخلّي عن الشعب
الفلسطيني ومظلوميته، وأكّدوا على أنّ دور وتاريخ المسلمين السنّة في لبنان كان
وسيظلّ حاضناً لأبناء الأمة ومدافعاً عن قضاياها المحقّة، كما في مقال الدكتور
وائل نجم الذي نشر في "آفاق نيوز" وتناول دور السنّة التاريخي في مساندة
القضايا العربية المحقّة وفي مقدمها القضية الفلسطينية. وكذلك مقال الأستاذ محمد
أسوم الذي نشره عبر منصات التواصل الاجتماعي وأشار فيه إلى أنّ الدكتور السيّد
جانب الصواب على أقلّ تقدير.
لقد أكّد سنّة لبنان وقوفهم
إلى جانب الشعب الفلسطيني ورفضوا أيّة دعوة للتخلّي عن دورهم وواجباهم في هذا
السياق، بل وحاصروا مطلقها لأنّها غريبة عن فهمهم وتاريخهم وأخلاقهم.