د. محمّد موسى*
انطلاقا" من كل الازمات المفتوحة و على كافة المستويات
نجد انه في كثير من الدول تحولات كبرى على مستوى الغذاء و الدواء و الطاقة و العملات التي باتت احد امضى الأسلحة الفتاكة على غرار المعارك
فكما المعارك تدار على الجبهات ، أضحت معارك العقوبات و الطاقة والغذاء و العملات اشد
فتاكا و وجعا" احب البعض ام لم يحب ، و لا ادل على ذلك ما يجري بكثير من الدول
اقتصاديا" وماليا" من لبنان حيث البلاد على شفير الانهيار التام بفعل دولار
يحلق في 80 الفا" ، و في ايران مع ازماتها المفتوحة في الداخل والخارج واخرها
الحديث عن انهيار التومان الإيراني الى حدود 575 الفا مقابل الدولار مما سيلهب الشارع
و يعمق أزمات الاقتصاد الإيراني بعد الانسداد الحاصل مع مفاوضات 5+1 و الى العراق الذي يكابد منذ بداية الحكومة الجديدة
للحد من ارتفاع الدولار بفعل جملة أزمات و أسباب متلاحقة و معه الكثير من الدول على
نفس المنحى مع ما يرافق ذلك من ازمة ديون مستفحلة تضرب الدول الناشئة و تجعلها ريشة
في مهب الرياح الخارجية العاتية والتي بالغالب لها اجندتها الخاصة عند ابرام الحلول
من الشروط الاقتصادية والمالية والاهم السياسية .
ان العملات الوطنية أحد أوجه مظاهر السيادة الوطنية للدول،
وأحد أبرز الأدوات المالية التي من خلالها تستطيع ممارسة حقها الطبيعي في مراقبة العملة
والتحكم في كمياتها الموجودة في السوق. وأكثر من ذلك، هي أحد المفاتيح في التحكم بسعر
الصرف وأسعار الفائدة ومعادلة التوازن والتضخم والانكماش. وعليه، قوة العملة تنبع من
قوة اقتصادها في جملة تبادلية على المستوى العام بين العملة الوطنية ومتانة الاقتصاد
المتناغم مع سياسة مالية ونقدية ملائمة من قبل المصرف المركزي؛ المعني الأول بالعملة
والحفاظ على قيمتها
ومن الواضح ان الازمات الاقتصادية والسياسية التي تمر بها
الدول في العالم أحيانا توصل إلى اتخاذ العديد من الإجراءات المناسبة، ومنها تخفيض
قيمة العملة. فتخفيض قيمة العملة يعد من الأمور التي تحظى بأهمية بالغة على صعيد الدول
سواء أكانت نامية أو متقدمة، لما لها من آثار ونتائج تؤثر بشكل كبير على المتغيرات
الاقتصادية الأساسية، مثل الآثار على معدل التضخم والفقر والميزان التجاري وغيرها.
كما أن عملية تخفيض قيمة العملة تؤدي إلى تآكل الأرصدة النقدية لكل من الأفراد والشركات
والمؤسسات.
ونتيجة لتراكم الديون وتفاقم ازماتها
توصي المنظمات الدولية أحيانا إلى فرض شروط اقتصادية مالية ونقدية مجحفة في حق الدول،
أو فرض سياسات نقدية معينة، منها سياسة تخفيض العملة المحلية لها، الأمر الذي يترك
أبعادا سيئة على دخول الاستثمارات الخارجية وعلى اقتصادها الوطني، كما هو حال الكثير
من اقتصادات العالم في هذه الأيام البائسة بفعل جملة عوامل ترتبط ببعضها البعض منذ
حلول كوفيد 19 ومخلفاته التي لم تنته حتى الساعة، مرورا بالحرب الروسية- الأوكرانية
التي لا زالت تعصف بالاقتصاد العالمي برمته، لا سيما عند الحديث عن أزمة الطاقة المتفاقمة
والتي بدونها لا حلول تبشر بالخير مدخلا أساسيا لتغيرات جيو- سياسية هامة في كثير من
دول العالم، وربما سقوط قادم
وربما تكون الأيام المقبلة مدخلا أساسيا لتغيرات جيو- سياسية
هامة في كثير من دول العالم، وربما سقوط أنظمة وتغير حكومات. فالواقع مرير وللأسف يزداد
مرارة مع كل التقارير الصادمة، وليس أقلها رفع أسعار الفائدة والسياسات المالية المتشددة
الضاربة في أعماق الاقتصاد العالمي في زمن القرية الواحدة، وصولا إلى التضخم القادم
كالوحش الكاسر ليصل إلى معدلات قياسية في معظم الاقتصادات الكبرى، والمترافق مع أسعار
الطاقة ومشتقاتها التي وصلت في بعض الدول إلى عشرة أضعاف، وبالتالي ستكون الاحتجاجات
على الأبواب والمظاهرات المتلاحقة عنوان المرحلة المقبلة في الدول التي حتى الساعة
ما زالت لديها القدرة لمواجهة الأزمات العالمية المتلاحقة ولكن الى متى ستبقى قادرة؟
... فلربما الريح المالية والاقتصادية من بوابة انهيارات العملات المؤشرات كانت شرارة
لما هو اشد.
الآراء الواردة في المقال تعبّر عن صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق
نيوز".
*أكاديمي وباحث في الاقتصاد السياسي
[email protected]