صلاح سلام
٢٥ أيار ٢٠٢٢ لا يشبه مثيله
عام ٢٠٠٠، يوم تحقيق الإنجاز الوطني التاريخي في دحر جيش الإحتلال الإسرائيلي، وتحرير
مناطق الجنوب والبقاع الغربي من قبضة العدو الصهيوني.
في ٢٥ أيار ٢٠٠٠، وما قبله
من سنوات مقارعة الإحتلال كانت المقاومة تحظى بتأييد اللبنانيين ودعمهم، في مختلف المراحل
التي مرت بها: من بداية العمليات التي نفذتها القوى الوطنية بإمكانياتها البسيطة، والتي
إعتمدت على جرأة العمليات وشجاعة أبطالها بالدرجة الأولى، والتي كانت تركز على إغتيال
الضباط الصهاينة، وكبار العملاء، مثل العملية التي قامت بها البطلة سهى بشارة بمحاولة
إغتيال قائد ما كان يسمى «جيش لبنان الجنوبي» الضابط أنطوان لحد في عقر داره، فضلاً
عن مشاركة معظم الأحزاب في العمليات شبه اليومية التي كانت تكمن لدوريات العدو ليلاً
ونهاراً.
ad
وعندما إتفقت دمشق وطهران
على إستبعاد المقاومة الوطنية من المواجهة مع العدو الإسرائيلي، وإخلاء الساحة لحزب
الله تحت شعار المقاومة الإسلامية، بقيت عمليات المقاومين تحظى بتأييد ودعم الأكثرية
الساحقة من اللبنانيين، وكان الإلتفاف الوطني حول المقاومة يتجلى في كل عدوان يتعرض
له لبنان، وخاصة في حرب نيسان عام ١٩٩٦، وفي
حرب تموز ٢٠٠٦، رغـم كل الخسائر التي كانت تصيب البنى التحتية في مختلف المناطق، وخاصة
في الجنوب اللبناني.
ولكن هذا التأييد الشعبي
والرسمي العارم لم يستمر طويلاً بعد حرب تموز التي توقفت بالقرار الأممي ١٧٠١ الصادر
عن مجلس الأمن الدولي، وتقرر في بنوده تعزيز فعالية قوات الأمم المتحدة العاملة في
الجنوب، الذي تنعم مناطقه وقراه بهدوء غير مسبوق في تاريخ المواجهة مع العدو الإسرائيلي
.
ما أن وضعت حرب تموز أوزارها
حتى بدأ توظيف إنجاز التحرير في المعادلة الداخلية، وتحول سلاح المقاومة إلى الداخل،
وبدأت سهام التخوين تتطاير ضد الذين وقفوا إلى جانب المقاومة سنوات، وكانت مساهمة بعضهم
مشهودة في وقف حرب تموز وإصدار القرار ١٧٠١ عن مجلس الأمن.
أدّى تفرد فريق سياسي في
إمتلاك السلاح إلى خلل في موازين القوى الداخلية، وأطاح بالتوازنات اللبنانية، الشديدة
الحساسية والتعقيد، وحصر واقع فائض القوة بحزب الله وحده، تجلت تداعياته السيئة في
٧ أيار، ذلك اليوم المشؤوم، الذي سيطر به عناصر الحزب على بيروت إثر إجتياح مكاتب تيار
المستقبل في العاصمة، وما كان قد سبقه من إعتصامات في ساحات بيروت، عطلت الحياة في
المدينة، وحاصرت مبنى السراي الحكومي سنة وبضعة أشهر.
وخرج الحزب عن سياسة النأي
بالنفس ليشارك في الإضطرابات التي إندلعت في سوريا والعراق واليمن، وفق أجندة إيرانية
إستهدفت حالات الإستقرار في أكثر من دولة عربية.
أما الحديث عن دويلة الحزب
في لبنان فلا يحتاج إلى شرح وتفصيل، لأنه أصبح في صلب الأزمات السياسية والإقتصادية
والمالية التي تتوالى فصولاً، وتُنذر بأن الآتي أعظم.
نقولها والحسرة تعصر القلوب:
٢٥ أيار ٢٠٢٢ ليس مثل يوم التحرير الكبير.
المصدر: اللواء.
الآراء الواردة في المقال
تعبّر عن رأي صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".