د. محمّد موسى *
من الواضح اكثر في الأيام المتتالية عورات اقتصادية جمة في
كثير من الاقتصاديات العربية برغم نسب النمو في الكثير منها، وما مفاعيل بعض الانهيارات
في العملات الوطنية تحت وطئه الازمات العالمية المتلاحقة الا دليل ساطع على ما فعلته
تلكم الازمات لاسيما كوفيد-19 الذي فتك بجوهر اقتصاديات الدول الناشئة عموما ومنها
الكثير من الدول العربية، اما الحرب الروسية – الأوكرانية فالحديث يطول عن ما اظهرته
في هشاشة الكثير من الاقتصاديات العربية ان لجهة القدرة في اجتراح الحلول مع ما هو
متوفر من إمكانيات بكل ما تحمل المعاني سياسيا" واقتصاديا".
فالقوة المالية تفاوتت نسبها من دولة الى أخرى ولكن العجز
الاقتصاد الحقيقي ضرب الغذاء والدواء والقطاعات الحيوية ومردودتها التي انعكست نتيجة
ضعف المداخيل الى سياسات كانت ترجمة لمحطات التخبط المتلاحق والمنعكس عالميا"
إن برغبة القائمين على الامر او بفعل الضغوطات الهائلة والتي على ما يبدو لم تنتهي
حتى الساعة.
فمنن المتوقّع أن تشهد اقتصادات المنطقة العربيّة نموًا بنسبة
4.5% في عام 2023 و3.4% في عام 2024، مع الأخذ في الاعتبار التداعيات السلبيّة لجائحة
كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا على الاقتصاد العالمي ولكن دون هذا النسب عوامل الاستقرار
الأمني والسياسي وعليه في ظل كل هذه التحولات هل تنجح التوقعات؟!!
وبحسب المسح الذي أصدرته اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي
آسيا (الاسكوا)، فقد ارتفع التضخم في المنطقة ليصل إلى 14% في عام 2022، لكنه من المتوقع
أن ينخفض في العامين المقبلين ليصل إلى 8 و4.5 %، على التوالي. وارتفعت أيضاً مستويات
الفقر في عام 2022 مقارنة بالسنوات الماضية ليصل عدد الفقراء إلى ما يقرب من 130 مليون
شخص، أي ما يمثل ثلث سكان المنطقة، باستثناء دول مجلس التعاون الخليجي وليبيا، وذلك
وفقًا لخطوط الفقر الوطنية. وهذه المستويات متوقع أن تستمر في الارتفاع خلال العامين
المقبلين لتصل إلى 36% في عام 2024. وسجّلت المنطقة أيضًا أعلى معدّل بطالة عالمياً
في عام 2022 بنسبة 12%، وقد يشهد انخفاضًا طفيفًا في عام 2023 ليصل إلى 11.7% في ضوء
جهود إنعاش الاقتصادات بعد جائحة كوفيد- 19.
وعليه وبالرغم من التوقّعات الإيجابيّة للنمو في المنطقة
العربية، الا ان هناك تباينات كبيرة بين البلدان فاقمتها الحرب في أوكرانيا، وبالتالي
اختلفت التداعيات بين دولة وأخرى. وستستفيد دول مجلس التعاون الخليجي والدول الأخرى
المصدّرة للنفط من ارتفاع أسعار الطاقة، بينما ستعاني الدول المستوردة للنفط من عدّة
تداعيات اجتماعيّة واقتصاديّة، بما في ذلك ارتفاع تكاليف الطاقة، ونقص الإمدادات الغذائيّة،
وانحسار قطاع السياحة والمساعدات الدولية المقدمة وما لبنان الا مثال صارخ على مدى
تأثره بالأزمة بالرغم من حديث رئيس الوزراء عن نسب نمة حوالي 2% و لكن كيف و كل المؤشرات
لازالت سلبية المنحى و هي واضحة للعيان ولا ادل من دولار كسر كل الحواجز عن عتبة
50 الفا" للدولار و لا احد يدرك له سقوف في قادم الأيام.!! اما القطاعات الاقتصادية
الأخرى فبالكاد تستطيع الاستمرار علما" ان أكثر من مرجح تحدث عن فوضى اجتماعية
قادمة فأنين الناس بلغ عنان السماء والفقر ينهش اللبنانيين بما يفوق 82% بحسب الكثير
من المؤسسات الدولية والبطالة تفوق 35% واغلبها من الشباب الذي يحلم بالهجرة ويسعى
لها على قدم وساق.
من الواضح ان الخلاص الاقتصادي للكثير من الاقتصاديات العربية
عنوانه واحد يبدأ بالإصلاحات على كافة المستويات السياسية و الاقتصادية والمالية في
آن واحد فالكل مرتبط بمجال حيوي واحد عنوانه الدولة ، والتي على ما يبدو في الكثير
من دولنا سعيها لا يلامس اوجاع الناس و باتت الخشية قريبة من تحلل مؤسسات الدولة بفعل
الظلم الاقتصادي والسياسي و الذي ينسحب على ما تبقى من مظاهر الدولة و في ذلك يقول
الكواكبي وهنا نقتبسها بالمعنى الاقتصادي"
إنَّ دولة الاستبداد في مراحلها الأخيرة تضرب ضرب عشواء، كثور هائج، أو مثل فيل ثائر
في مصنع فخار، وتحطم نفسها وأهلها وبلدها قبل أن تستسلم للزوال وكأنما يُستَحَق على
الناس أن يدفعوا في النهاية ثمن سكوتهم الطويل على الظلم وقبولهم القهر والذل والاستعباد
... وعلى راسه الاستعباد الاقتصادي الجديد ان بفعل الازمات او سوء السياسات.
*أكاديمي وباحث في الاقتصاد السياسي
[email protected]