د. وائل نجم
منذ
اليوم الثاني لمعركة طوفان الأقصى تحرّكت الجبهة الجنوبية للبنان مع فلسطين المحتلة
حيث أقدم حزب الله في اليوم الثاني للمعركة فجر الأحد (8/10/2023) على قصف مواقع الاحتلال
الإسرائيلي في مزارع شبعا المحتلة، ثمّ في اليوم الثالث تمكّنت مجموعة تابعة لسرايا
القدس في حركة الجهاد الإسلامي من عبور الحدود إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة
والاشتباك مع قوات الاحتلال وإسقاط عدد من ضباطه وجنوده بين قتيل وجريح واستشهاد اثنين
من المجموعة وتمكّن الثالث من الانسحاب. وقد قصفت قوات الاحتلال بعدها موقعاً للرصد
تابع لحزب الله أدّى إلى استشهاد ثلاثة من المتواجدين في الموقع، وقد ردّ الحزب على
ذلك بقصف مواقع للاحتلال وآليات تابعة له كانت تتحرّك على الحدود. وفي اليوم الرابع
قامت كتائب القسّام، وهي المرّة الأولى، بقصف مواقع الاحتلال في شمال فلسطين بالصواريخ،
ودارت أيضاً اشتباكات عبر الحدود بين الاحتلال والقوى المقاومة. وهكذا تشهد الجبهة
الجنوبية كلّ يوم تبادلاً لإطلاق النار والقذائف الصاروخية ومن ثمّ يعود الهدوء المشوب
بالحذر بعد ذلك.
الكثير
يسأل عن مستقبل هذه الجبهة أو بصورة أدق عن التوقيت الذي تنفجر فيه هذه الجبهة بشكل
واسع وكبير إنفاذاً لخطط وحدة الساحات أو الجبهات! وهو سؤال يراود كل عقل حتى على مستوى
القيادات العليا، وقد حشدت الولايات المتحدة الأمريكية حاملتي طائرات في شرق البحر
الأبيض المتوسط من أجل منع فتح جبهة جديدة على "إسرائيل"، وبالتالي فإنّ
الإجابة على هذا السؤال صعبة للغاية ولكنّها مشروطة بما يجري في الداخل الفلسطيني.
ما
يُسمّى بمحور المقاومة والذي تُعتبر حماس واحدة منه لطالما صرّح وأعلن أنّه أنشأ تحالفاً
سمّاه وحدة الساحات بحيث أنّ أيّ جزء أو عنصر من هذا المحور إذا ما تعرّض لحرب أو عدوان
إسرائيلي يتحرّك الأعضاء أو العناصر الآخرون لنجدته ونصرته ومن هنا نشأ السؤال : متى
تتحرّك جبهة الجنوب؟
والحقيقة
أنّ الحسابات على هذه الجبهة أو غيرها تحتاج إلى ميزان دقيق بالنظر إلى أنّ أيّ تطوّر
على هذه الجبهات قد تحوّل المعركة إلى حرب مفتوحة على المستوى الإقليمي أيّاً من القوى
الفاعلة والمؤثّرة حالياً لا تريدها أو على أقلّ تقدير هي تخشاها وتخشى نتائجها، ومن
هنا يأتي التعامل مع الجبهة الجنوبية على قاعدة محاكاة ما يجري في جبهة غزة، بمعنى
آخر التحرّك على وقْع ما يجري في غزّة بحيث أنّ التحرّك عليها محكوم بمدى خدمة جبهة
غزة وبحيث لا تنزلق الأمور إلى حرب مفتوحة، ومن هنا فإنّ الجبهة الجنوبية اليوم هي
جبهة إشغال وجبهة استنزاف لـ "إسرائيل" إلى حين تقدير موقف جديد يتيح فتح
الجبهة على مصراعيها وتحويلها إلى جبهة مفتوحة بل إلى حرب مفتوحة.
ستبقى
الجبهة الجنوبية مع قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى حين تعيش حالة توتر وإشغال وإقلاق
وعلى وقْع ما يجري على جبهة غزّة، ولكن في اللحظة التي يتحوّل فيها العدوان على غزّة
إلى حرب إبادة شاملة أو إلى اجتياح برّي فإنّ الجبهة الجنوبية ستشهد تطوّرات نوعية
قد تحوّلها إلى حرب مفتوحة أيضاً يتم فيها مهاجمة كل مواقع الاحتلال في كل شمال فلسطين
بل ربما إلى الجبهة الإسرائيلية الداخلية. كما وأنّ هذه الجبهة قد تتحوّل إلى جبهة
مفتوحة يقدم فيها حزب الله على خطوة استباقية إذا شعر أنّ رأسه مطلوب بعد الانتهاء
من غزة وتصفية الحساب معها.
هي
جبهة مفتوحة الآن ولكنّها محكومة إلى حين بهذا السقف الذي يمكن أن يتغيّر في أيّة لحظة
تتطوّر الأمور الميدانية فيها وتأخذ شكلاً آخر من المواجهات.
الآراء
الواردة في المقال تعبّر عن رأي صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".