صلاح سلام
الحملة الإنتقادية التي يتعرض لها رئيس
الحكومة نجيب ميقاتي، تتجاوز المعايير السياسية البحتة، إلى محاولات قصف السراي الكبير
برشقات من الإتهامات المغرضة، للنيل من الدور الذي تقوم به حكومة تصريف الأعمال ورئيسها،
في الحفاظ على ما تبقى من مقومات الدولة ومسؤولياتها، في هذه الظروف الصعبة، والبالغة
التعقيد داخلياً وإقليمياً.
الكلام عن ربط الوضع على الحدود الجنوبية
بالحرب الإسرائيلية الإجرامية على غزة، هو تجسيد للأمر الواقع جنوبي الليطاني، لأن
الخطر الصهيوني الداهم يهدد القرى الآمنة، ومتطرفو تل أبيب يطلقون التهديدات ليل نهار،
بتدمير البنية التحتية وتحويل لبنان إلى غزة أخرى. ولولا الضغوط الأميركية على حكومة
نتانياهو اليمينية، لكانت الجبهة الحدودية إشتعلت بعدوان إسرائيلي جديد.
وبغض النظر عن المواقف السياسية من
حزب الله وسلاحه، فإن الحزب مازال يحافظ على قواعد الإشتباك في تصديه لمحاولات التصعيد
الإسرائيلية، مفوتاً على العدو إمكانية جرّه إلى حرب يسعى لها نتانياهو وفريقه اليميني،
للتغطية على فشلهم في حربهم على غزة، وإظهار الدولة العبرية كضحية ــ كذاــ مستهدفة
من أعدائها في الشمال والجنوب.
لا أحد في لبنان يريد الحرب، والبلد
الغارق في أزماته غير قادر على تحمُّل تداعيات حرب جديدة على أراضيه، ولكن لا بد من
الأخذ بعين الاعتبار أن لبنان ليس جريرة منعزلة عن محيطه، خاصة بالنسبة لمجريات الصراع
الفلسطيني الإسرائيلي، ووجود عدو متربص على حدوده، ويماطل في الانسحاب من الأراضي اللبنانية
المحتلة،
ويتعمد خرق القرارات الدولية، وخاصة
القرار ١٧٠١، مما يستدعي دائما أخذ الحذر والحيطة من الغدر الصهيوني، وإعتماد معادلة
توازن الرعب، في ظل غياب قوة دولية رادعة للمغامرات العدوانية الإسرائيلية.
أصبح واضحاً للجميع، في الداخل والخارج،
أن مفتاح خروج بلد الأرز من نفق أزماته، هو في إنجاز الإستحقاق الرئاسي اليوم قبل الغد،
لأن إنتخاب رئيس الجمهورية يُعيد التوازن في السلطة الشرعية، ويفتح أبواب الحلول الإقتصادية
والمالية والإجتماعية، مما يساعد على تحصين الوضع اللبناني، وإنقاذه من الإنهيارات
المتدحرجة، في ظل الشغور في رئاسة الجمهورية، وعدم وجود سلطة تنفيذية كاملة الصلاحيات،
قادرة على التفاوض مع المؤسسات المالية والدول المانحة، وتنفيذ الإصلاحات المنشودة.
كفى هدراً للوقت والفرص المتاحة للإنقاذ،
والتلهِّي بخلافات ومناورات عرقوبية،يدفع البلد وناسه أثمانها الباهظة، باللحم الحيّ
ومن لقمة عيشهم.
اللجنة الخماسية عادت لإطلاق محركاتها،
فكونوا على إستعداد للتجاوب مع مساعي الأشقاء والأصدقاء العاملين، بصبر أيوب، على إنقاذ
لبنان من أزماته.
المصدر: اللواء.
الآراء
الواردة في المقال تعبّر عن رأي صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".