الحوار مطلوب بجدول أعمال مُحدّد وواضح
كانون الأول 15, 2022

وائل نجم

انسداد أفق الحلول السياسية في لبنان، وتفاقم وطأة الأزمة الاقتصادية على اللبنانيين، وفشل المجلس النيابي حتى الآن في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وحالة الجدل المتواصلة حول دستورية انعقاد جلسات اضطرارية للحكومة لتصريف بعض الأعمال التي لا تنصرف إلّا بقرارات حكومية، كلّ ذلك يستدعي فعلاً حواراً بين القوى السياسية أو الكتل النيابية أو حتى بين القوى الشعبية اللبنانية بهدف الخروج من نفق الأزمة والوصول إلى بر الأمان الذي يحتاجه لبنان واللبنانيون.

لم يكن بمقدور رئيس الجمهورية السابق ميشال عون إدارة مثل هذا الحوار لأنّه اتخذ من اللحظة الأولى لجلوسه على كرسي الرئاسة في قصر بعبدا موقفاً من قسم من اللبنانيين، أو أخذ موقع الطرف في المعادلة اللبنانية بدل أن يكون في موقع الحكَم، وهو قد جرّب أكثر من مرّة ولكن المحاولات باءت بالفشل.

من جهتها حاولت السفارة السويسرية في لبنان إطلاق حوار على عشاء كانت تعتزم تنظيمه لبعض النوّاب، غير أنّ قلّة الثقة، خاصة بعد أن تبيّن أنّ العشاء مقدمة لحوار سيكون في سويسرا يكون مقدمة للإطاحة بالنظام السياسي الضامن منذ أكثر من ثلاثة عقود بالاستقرار الأمني، وإن كانت عليه ملاحظات عديدة خاصة لناحية تشكيل غطاء للفساد الذي استشرى بفضل الفهم الخاطىء من ناحية، ومنطق المحاصصة والكيدية والاستئثار من ناحية ثانية. إنّ كلّ ذلك جعل دعوة الحوار تفشل قبل أن تبدأ.

من ناحيته حاول رئيس المجلس النيابي نبيه برّي أن يدعو إلى حوار حول الرئاسة في المجلس النيابي بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، غير أنّ الدعوة أيضاً لم تجد طريقاً سهلاً أمامها لأنّها ربما تحتاج إلى وضوح في تحديد الأهداف والوسائل.

لا يمكن القول حتى الساعة أنّ دعوة الرئيس برّي قد آلت إلى الفشل أو وصلت إلى طريق مسدود، فالرئيس برّي وعلى الرغم من مواقفه الواضحة في معظم العناوين الوطنية المطروحة والتي يتموضع فيها في هذا الجانب أو ذاك، غير أنّ الرجل ما زال يتمتّع بثفة لدى القوى السياسية والكتل النيابية لإدارة حوار وطني إذا كان هذا الحوار واضحاً ومحدّد الأهداف.

بهذا المعنى يمكن القول إنّ الحوار بات في هذه المرحلة حاجّة ماسّة للخروج من هذا النفق المظلم، أو حتى يشكّل بداية الخروج من النفق المظلم، ولكنّ هذا الحوار يجب أن يعزّز ثقة القوى التي يجب أن تشارك فيه، وأول هذه الأمور هو بتحديد الأهداف وفي مقدمها انتخاب رئيس جديد للجمهورية. والآليات وفي مقدمها عدم تجاوز المؤسسات الدستورية وفي طليعتها المجلس النيابي. والوقت حتى لا يكون مفتوحاً وبالتالي يسهم في تعطيل موقع الرئاسة الأولى ويمدّ بالفراغ.

أغلب القوى السياسية وافقت على دعوة الحوار باستثناء قلّة منها، ولكنّها قلّة تمثّل جزءاً كبيراً ومهمّاً من ميثاقية أيّ عمل في البلد. وحتى القوى والكتل التي وافقت على الحوار أغلبها أراد أن يكون واضحاً ومحدّد الأهداف حتى لا يبدأ من نقطة وينتهي بحوار يطيح النظام أو يعقّد المشهد اللبناني أكثر مما هو معقّد.

الكرة اليوم باتت في ملعب كل خيّر يريد أن يخرج البلد من نفق الأزمة، وذلك لتذليل العقبات أمام الحوار المأمول من خلال ضبط أهدافه وآلياته ووقته علّ ذلك ينهي معاناة اللبنانيين التي تواصلت بهذه الوتيرة الصعبة منذ أكثر من ثلاث سنوات.