صلاح سلام
كما كان متوقعاً،
لم تُسفر الجلسة ١٢ لإنتخاب رئيس الجمهورية عن مفاجآت غير متوقعة، سواء بالنسبة لتعداد
الأصوات بين المرشحَيْن سليمان فرنجية وجهاد أزعور، أو بالنسبة لعدد النواب الذي وضعوا
أصواتهم خارج دائرة التنافس، وتوزعوا بين شخصيات غير مرشحة أصلاً، وشعارات مُرمّزة
للتدليل على عدم إنحيازهم إلى أيٍّ من الفريقين المتطاحنين.
لعل المفاجأة
الوحيدة هي إكتمال حضور ١٢٨ نائباً، وهي من المرات النادرة التي يلتئم فيها مجلس النواب
بكامل أعضائه، الأمر الذي يُجسّد حالة الإستنفار التي خاضها مؤيدو المرشحَيْن، للحصول
على أكبر عدد من الأصوات.
كل الأطراف
المتصارعة كانت تدرك أن المواجهة الحامية لن توصل أيّاً من المرشحَيْن إلى قصر بعبدا،
لعدم قدرة أي منهما الحصول على أكثرية ٦٥ صوتاً، وأن المسألة تقف عند حدود إستعراض
العضلات، إستعداداً للجلوس إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى تسوية تحقق التوافق المطلوب،
من العواصم التي تتابع الأزمة اللبنانية، وفي مقدمتها الرياض وباريس والدوحة.
وإذا كان التوافق
هو الطريق الأقصر لإنقاذ البلاد والعباد من دوامة الأزمات الخانقة، فإن الحوار هو الممرّ
الإلزامي للوصول إلى الرئيس التوافقي، وما يترافق معه من إتفاقات مسبقة على رئيس الحكومة،
وتركيبة الحكومة العتيدة، وحتى برنامج الأولويات في إنطلاقتها، تجنباً لهدر المزيد
من الفرص، وإضاعة الوقت الثمين للإنقاذ، في مناورات التكليف والتشكيل التي تستمر عادة
أشهراً طويلة، فضلاً عن الخلافات التي كانت تُحيط بإعداد البيان الوزاري والحصول على
ثقة مجلس النواب.
الذهاب إلى
طاولة الحوار، يقتضي التراجع خطوة إلى الوراء من قبل كل الأطراف في فريقي المعارضة
والممانعة، وطوي صفحة الجلسات النيابية السابقة وترشيحاتها المختلفة، والإستعداد للقبول
بالتوصل إلى نقطة وسط، تحدد التوجهات الإنقاذية المشتركة، وتفتح الطريق للتوافق على
مرشح ثالث، لا يشكل تحدياً لأحد، ولا يُعتبر إنتصاراً لأحد، ولا إنكساراً لأحد.
آن الأوان
ليدرك أهل الحل والربط أن لبنان هو بلد المعادلات والتوازنات والتسويات، طالما بقيت
دولته أسيرة النظام الطائفي البغيض، وطالما بقيت السلطة رهينة المحاصصات الطائفية والمذهبية،
التي تُعطل الوصول إلى الدولة المدنية، وتلبية طموح الأجيال في إعتماد الكفاءة والمساواة
والنزاهة في وطن يستحق أن يبقى شبابه على أرضه، ويساهموا في مسيرة التنمية والتطوير
والتحديث في بلدهم.
أما الحديث عما جرى في جلسة أمس فهو من لزوم ما لا يلزم،
لأنه أصبح وراءنا، وما يهم اللبنانيين اليوم هو ما سيحمله الغد من تباشير الأمل والإنفراج.
المصدر: اللواء.
الآراء الواردة في المقال تعبّر عن رأي صاحبها ولا تعبّر
عن "آفاق نيوز".