الخليج وتركيا: مسارات اقتصادية واعدة.. فهل سوريا وروسيا أيضا" بالحسبان؟
آذار 06, 2023

د. محمد موسى

من الواضح للعيان التحولات الكبرى والقفزات النوعية التي تشهدها العلاقات الخليجية التركية في المسارات الاقتصادية و يأتي ذلك استكمالا للمسارات السياسية منذ أيام قمة العلا على الأراضي السعودية و التي ارست المصلحة السعودية – القطرية و انعكس انفراجا" في العلاقات القطرية الخليجية وشكل اطار لبلورة المصالحة المصرية القطرية التي غدت بوابة لمد الجسور على طرق العلاقات التركية المصرية واخرها زيارة الوزير سامح شكري لتركيا و التي قوبلت بحفاوة تركية بالغة ، اما المدماك الأساسي في جوهر التحولات فقوامها الأول الخطوات السياسية الدبلوماسية بين تركيا و الخليج التي تجسدت بزيارات متبادلة بين الرئيس التركي اردوغان و القيادتان الإماراتية ممثلة برئيس دولة الامارات الشيخ محمد بن زايد وولي عهد المملكة الأمير محمد بن سلمان ما اسحب على كافة الملفات في العلاقات بين السعودية والامارات العربية المتحدة و الخليج العربي و تركيا الدولة الفاعلة في إقليم ملتهب سياسيا "وامنيا" و حكما" بالمعنى الاقتصادي في زمن التحولات الاقتصادية التي تعصف بالعالم و تنعكس على المنطقة وليس اقلها كوفيد وما خلفه من اذى للاقتصاد العالمي مصحوبا" الحرب الروسية الأوكرانية مرورا" بأزمات الجوعى و الغذاء والتضخم و الامدادات الاحفورية حيث لغة تغدو للغة المصالح الاقتصادية للشعوب مفتاح العلاقات بين الدول.

من هنا أطلت في الأسبوع المنصرم جملة اتفاقيات اقتصادية ومواقف سياسية على مستوى العلاقات الخليجية – التركية سيكون لها انعكاس بالغ في قادم الأيام لتعزيز المسارات الاقتصادية وتطوير منهاجيتها وانتاجيتها وانعكاساتها تحت معادلة (رابح – رابح) لكلا الطرفين. وكانت الإمارات وتركيا وقعتا اتفاقية الجمعة الثالث من مارس آذار تستهدف زيادة حجم التجارة بين البلدين إلى 40 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، ومن المتوقع أن تركز الاتفاقية على القطاعات الاستراتيجية مثل التكنولوجيا الزراعية والأمن الغذائي والطاقة النظيفة، بالإضافة إلى التعاون المستمر في مشاريع البناء والعقارات، وبلغ حجم التجارة بين البلدين 18.9 مليار دولار العام الماضي، بزيادة 40% عن العام السابق له

كما تعد تركيا الآن سادس أكبر شريك تجاري للإمارات في التجارة غير النفطية، أن الاتفاق يستهدف إلغاء أو خفض الرسوم الجمركية على 82 % من السلع والمنتجات، أي ما يفوق 93 % من مكونات التجارة البينية غير النفطية ونقلت "وام" عن الرئيس الإماراتي قوله إن توقيع "الشراكة تجسيد للتطور الكبير والنوعي الذي شهدته علاقاتنا خلال الفترة الماضية حيث بلغ إجمالي التجارة غير النفطية بين الإمارات وتركيا ما يقارب 19 مليار دولار في عام 2022 بزيادة قدرها 40 % عن عام 2021 و 112 % عن عام ،2020.وعليه أن الهدف من الاتفاق أيضا المساهمة بشكل فاعل في مضاعفة التجارة البينية غير النفطية من قيمتها الحالية إلى 40 مليار دولار سنويا في غضون 5 أعوام وتخلق 25 ألف وظيفة جديدة في البلدين بحلول.

اما سعوديا" فقد وجه مجلس الوزراء السعودي منذ مدة بتشجيع الاستثمار المباشر مع تركيا، وانتهى المجلس إلى عدة قرارات، بينها تفويض وزير الاستثمار السعودي أو من ينيبه بإجراء مباحثات مع الجانب التركي، ويشمل التفويض التباحث بشأن مشروع مذكرة تفاهم بين البلدين للتعاون في مجال تشجيع الاستثمار المباشر والتوقيع عليها، ثم رفع النسخة النهائية الموقعة لاستكمال الإجراءات النظامية.

من هنا كان لافتا" كلام وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح منذ مدة على هامش أحد المؤتمرات " إن بلاده ترغب في توزيع هذه الاستثمارات على جميع المجالات في تركيا وفي مقدمتها قطاع الصناعات التحويلية، وأوضح الفالح أن السعودية تسعى للاستثمار في مجالات الصناعات التحويلية والصناعات الدفاعية والتكنولوجيا الحيوية والسياحة والاستدامة والاقتصاد الأخضر والمعادن وصناعة التعدين والألمنيوم والتيتانيوم والخدمات اللوجستية والإسكان والطاقة ورأس المال. ودعا الفالح الشركات التركية أيضا للاستثمار في بلاده، قائلا: "نهدف لتوجيه هذه الاستثمارات إلى كافة المجالات وندعو الجميع للاستثمار في هذه المجالات، أريد التأكيد على عدة مجالات لتعزيز شراكتنا، الأول مجال الصناعات التحويلية، فمجال الصناعات التحويلية في تركيا قوي فهو قريب جغرافيا وقريب من الأسواق المحورية كأوروبا، يمكننا تعزيز تعاونا الاقتصادي بالتعاون في مجالات الطاقة والتكنولوجيا ورأس المالي ويبرز أمامنا أيضا الغذاء والصناعات المعدنية والتعدين كمجالات استثمارية واكد الفالح أن السعودية تسعى لتحقيق استثمارات بقيمة 3.3 ترليون دولار بحلول عام 2030" .

من هنا نرى العلاقات الخليجية التركية تتطور بطريقة متسارعة نحو النمو من جهة ومتلاقية حول جملة محاور اقتصادية وسياسية دوليا" من جهة أخرى، لاسيما في الموقف من الحرب الروسية الأوكرانية حيث غدت مواقف تركيا والخليج لاسيما السعودية ضمن إطار الدول الموثوقة والمقبولة لدى كافة الأطراف المتقاتلة بحيث شكلت سياسة كلا الطرفين (الخليج وتركيا) عنوان المبادرات لفك الاسرى وسحب القمح من الصوامع فهل تستكمل بمبادرات مشتركة لوقف رحى الحرب التي تضرب الاقتصاد العالمي وتفاقم الازمات الدولية ولما لا تستكمل بانفراجه عبر مبادرة لسوريا أيضا" خاصة بعد الحراك الاخير ..... اما ان ما كُتب قد كُتب.

الآراء الواردة في المقال تعبّر عن صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".

*أكاديمي وباحث في الاقتصاد السياسي

[email protected]