محمد موسى
يهل الأسبوع السياسي الطالع على جملة
أحداث سياسية واقتصادية دولية مؤثرة قديمة ومتجددة من افاق الاتفاق السعودي الإيراني
و انعكاساتها المتلاحقة في الداخل و الإقليم و حتى العالم بعد الرعاية الصينية للاتفاق
وغض الطرف الأميركي على مضض، مرورا" ببداية حمى الانتخابات التركية في لحظة تاريخية
على مستوى تركيا نفسها و الإقليم المحاذي لها و على وقع تصريحات الرئيس السوري من موسكو
و التي تعد جزء من البطاقات الانتخابية الحاسمة في تركيا في ظل ازمة اللاجئين السوريين
بكل ما تمثل من نقطة تجاذب بين الافرقاء الاتراك، وصولا الى كوارث المصارف العالمية
التي لازالت الخشية من تصاعد ازماتها برغم من كل التطمينات التي ترسلها الإدارة الأميركية
و الادهى ان العامل النفسي لا يزال يشد الخناق على المستثمرين والمتعاملين و الأسواق
المالية العالمية و لعل الأسبوع القادم يكون عامل حسم في تطمين الأسواق بعد جملة الإجراءات
المتخذة علما" ان رقبة الأسواق المالية في العالم لا تزال تحت وطئه أسعار الفائدة
وسياسات التشدد المالي و التي لا يبدو لها نهاية بلا حل للازمة الروسية – الأوكرانية
التي فتحت على فصل الجنائية الدولية قراراها تجاه الرئيس الروسي بوتين و على ما يعكسه
من تضييق على الأفق السياسي لاي مفاوضات برغم عدم الاكتراث الروسي، والى أسواق الطاقة
التي تعصف بها الازمات المتلاحقة حيث العاصفة الارتدادية التي اطلقها وزير الطاقة السعودي
الأمير عبدالعزيز بن سلمان، إن "وضع سقف لأسعار البترول سيؤدي لا محالة إلى عدم استقرار
السوق. وأضاف وزير الطاقة السعودي: لن نبيع البترول لأي دولة تفرض سقف أسعار على إمداداتنا.
مؤكدًا العزم على الإبقاء على اتفاقية أوبك+ لخفض الإنتاج حتى نهاية العام وفي ذلك
تماهي كامل مع الموقف الروسي للحفاظ على امن امدادات الطاقة في العالم، حيث تشير التقديرات
إلى أن الاقتصاد العالمي سيواصل نموّه هذا العام والعام المقبل، لكن ما زال هناك عدم
يقين حول وتيرة النمو، إضافةً إلى ذلك بدأت الصين مؤخراً مرحلة التعافي بعد عمليات
الإغلاق الممتدة لفترات طويلة إثر جائحة فيروس كورونا، لكن المدة اللازمة للتعافي لا
تزال غير واضحة. ويتسبب التعافي الاقتصادي بضغوط تضخمية، وهذا قد يدفع البنوك المركزية
إلى تكثيف جهودها للسيطرة على التضخم وهنا دائما" الحضور الصيني – الروسي الدائم
بكل ملفات العالم المتشعبة.
وعلى وقع هذا التمهيد للتعقيدات الملفات
العالمية تأتي القمة الروسية – الصينية في توقيت حساس للغاية من أوكرانيا الى بحر الصين
علما" انها الأولى للرئيس الصيني منذ حوالي أربع سنوات إلى البلد الذي يصارع في
الكثير من الملفات ليس اقلها الحرب القائمة مع أوكرانيا والملفات الاقتصادية المصاحبة.
وسيتم خلال الزيارة التباحث حول سبل "ترسيخ الشراكة الشاملة والتعاون" بين
البلدين و"توقيع وثائق ثنائية مهمة"، حسبما أعلنت الخارجية الصينية وهنا
بيت القصيد الذي ترقبه الولايات المتحدة الحاضر الغائب عن القمة.
و لعل ابرز الملفات التي تشد المشهد السياسي للقمة هو إمكانية تحقيق بكين
خرق في جدار الازمة الروسية الأوكرانية على غرار ما جرى بين طهران والرياض، حيث المبادرة
الصينية القائمة على احترام سيادة كل الدول والتخلي عن عقلية الحرب الباردة ووقف الاعمال
العدائية و استئناف محادثات السلام و إيجاد حل للازمات الإنسانية المصاحبة وتبادل الاسرى
والحفاظ على المنشآت النووية وتقليص الاخطار الاستراتيجية وتسهيل تصدير الحبوب و الحفاظ
على استقرار سلاسل التوريد للسلع الاستراتيجية، علما" ان الروسي لبدى الترحيب
و الاوكراني يود مناقشة التفاصيل حيث يقينه بأن الصين مفتاح في انتصار الروسي خاصة
بعد الحديث المتصاعد اميركيا" عم إمكانية تزويد بكين بالأسلحة و هنا الطامة الكبرى
للغرب و الناتو و تاليا" مفتاح للتصعيد وعليه هل يعرج الرئيس الصيني لأوكرانيا
و يلتقي زيلنسكي؟!! وتكون بداية الحل لكل الازمات الاقتصادية والمالية انطلاقا"
من البوابة الأوكرانية.
و على الصعيد الاقتصادي الاستراتيجي
تعد الصين شريكا استراتيجيا من جميع النواحي الاقتصادية والتجارية لروسيا، وأكبر مشتري
موارد الطاقة الروسية خاصة بعد الازمات مع الغرب وبالأسعار التفاضلية و ذلك تحت نظرية
رابح- رابح لكلا الدولتين، فيما تستورد روسيا مجموعة واسعة من السلع من الصين، ومنها
السيارات، وفيما يلي لمحة عن العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين وتقول الأرقام
و الاحصائيات الصادرة من موسكو الى ارتفع حجم التجارة بين روسيا والصين في 2022 بنسبة
29.3% على أساس سنوي ووصل إلى 190.27 مليار دولار، وهو مستوى قياسي تاريخي، وتظهر التجارة
نموا مطردا بين البلدين ما يدل على متانة العلاقات بين موسكو وبكين،
وفي العام الماضي، ارتفعت الصادرات
من الصين إلى روسيا بنسبة 12.8% وبلغت 76.12 مليار دولار، فيما صعدت الصادرات من روسيا
إلى الصين حوالي 40 بالمائة حدود 115 مليار.
وتظهر البيانات أن كفة الميزان التجاري
ترجح لصالح روسيا، التي تصدر إلى الصين موارد الطاقة بشكل أساسي، وتمثل إمدادات النفط
والغاز عبر الأنابيب والغاز الطبيعي المسال والفحم نحو 70% من إجمالي حجم الإمدادات
إلى الصين وهنا يتجلى البعد الاستراتيجي للاتفاق بين شركتا "غازبروم" الروسية
وشركة "سي أن بي سي" الصينية الى تحويل مدفوعات الغاز المورد عبر "قوة
سيبيريا" إلى الروبل واليوان، ما يعد مؤشرا مهما على عزم البلدين الابتعاد عن
الدولار و تاليا" زمن التحولات الدولية نحو العملات الوطنية والتي هي من مداميك
العالم الجديد. وفيما يتعلق بالعام 2023، أشارت البيانات إلى أن التبادل التجاري نما
في يناير وفبراير من هذا العام بوتيرة ملحوظة، وبحسب البيانات قفزت الصادرات الصينية
إلى روسيا بنسبة 19.8% في الشهرين إلى 15 مليار دولار، بينما نمت الصادرات من روسيا
إلى الصين بنسبة 31.3% إلى 18.65 مليار دولار وفي ذلك تأكيد على صلابة التوجهات الصينية
الروسية لعالم متعدد الأقطاب اقتصاديا" وسياسيا" وربما عسكريا" مع تصاعد
الدول الناشئة وفي مقدمتها الهند وتركيا والسعودية وغيرها وتاليا" في ظل كل القضايا
الشائكة والتي باتت حلولها تضيق هل من دخان ابيض يخرج من الكرملين بعد القمة.... ليس
بالأمر الهين.