وائل
نجم
القمّة العربية على مستوى رؤساء وملوك
الدول العربية انعقدت في دورتها الثانية والثلاثين في التاسع عشر من الجاري في الرياض
بالسعودية. مشاركة قادة ورؤساء وملوك الدولة العربية كانت جيّدة إذ حضر معظم هؤلاء
باستثناء قلّة قليلة منهم. حتى أنّ القادة العرب تحمّلوا ما تسمّيه الشعوب العربية
وزر إعادة النظام السوري إلى الجامعة حيث حضر، بشّار الأسد، وقدّم أمام القادة والرؤساء
والملوك مطالعة أستاذية كما جرت العادة على الرغم من أنّ الوقت المخصّص للكلمات لم
يكن سوى خمس دقائق لكلّ كلمة.
والقمّة أيضاً استضافت الرئيس الأوكراني،
فلاديمير زيلنسكي، ومكنحته إداة القمّة وقتاً ساوى الوقت الذي منحته لقادة خمس أو ست
دول، فأسهب في شرح الأزمة الأوكرانية وشنّ هجوماً لاذعاً على الرئيس الروسي من منصّة
الجامعة العربية من دون اعتبار للتوازنات أو للمصالح العربية أو لنقل التموضعات الدولية
في ضوء الحرب الأوكرانية الروسية.
وبعيداً عن الشكل وكرم الضيافة والحفاوة
التي تحدّث عنها أغلب الضيوف، وهي على كل حال سمة الشعب السعودي، فإنّ القمّة على مستوى
الجوهر والمضمون لم تحمل سوى مزيد من التناقضات والرهانات والوعود.
فقد كان واضحاً التحّفظ المصري والأردني
والكويتي وحتى المغربي على حضور النظام السوري في القمّة وكان التركيز في كلمات وفود
هذه الدول على الحلّ السياسي في سوريا، وهي أعقد الأزمات على الإطلاق في هذه المرحلة،
وعلى القرار الدولي 2254 الداعي إلى تشكيل هيئة حكم انتقالي في سوريا، في حين أن رئيس
النظام السوري تجاهل ذلك وركّز على عدم التدخل في شؤون الشعوب الأخرى وترك الحلول تجري
بينها وبين حكوماتها. وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد، غادر
القمّة قبل أن يلقي رئيس النظام السوري كلمته في رفض واحتجاج صريح وواضح لتواجده في
القمّة.
أمّا فلسطين، وهي المركزية للأمة فإنّ
الكلمات التي ألقيت في القمّة فقد شدّدت على الحقّ الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية
على أراضي 1967 وعاصمتها القدس، ورفضت أيضاً الممارسات الإسرائيلية بحقّ الشعب الفلسطيني
في القدس والضفة الغربية وغزّة، ولكن هذه المواقف المعلنة لا تسمن ولا تغني من جوع،
فالتطبيع ما زال جارٍ على قدم وساق، والتنسيق أيضاً ما زال مستمراً، والتواصل على المستويات
كافة ما زال على ما هو عليه، بل زادت وتيرته أيضاً. في مقابل الاعتداءات التي ما زالت
مستمرة ومتواصلة.
أمّا السودان المنقسم على حاله ويشهد
صراعاً دموياً يذهب ضحيته كل يوم عشرات الناس، فإنّ أقصى ما قدّمته القمّة العربية
أنّها دعت الطرفين المتقاتلين في السودان إلى التزام وقف إطلاق النار الذي يستمر ويتصاعد
بعد كل حديث عن التوصل إلى صيغة منه.
وفي لبنان الذي يعيش أزمة اقتصادية
حادّة فإنّ القمّة العربية قدّمت التمنيات للشعب اللبناني بالخروج من هذه الأزمة ولم
تحرّك ساكناً للحفاظ على دور وحضور وتواجد العرب ومصالحهم في هذه التركيبة الفريدة
في المنطقة.
مختصر
القول : لا يمكن التعويل على هذه القمّة ولا على ما نتج عنها، فقد عوّدنا القادة على
إغداق الوعود وإعلان الالتزامات، ولكن سرعان ما تتبخّر هذه الوعود مع انفضاض المجلس
وعودة كل راعٍ إلى الإمعان في سياسته في رعيّته.