المحادثات السعودية ـ الحوثية: ليس بالتفاؤل الحذر يحيا اليمن
نيسان 11, 2023

قد يكون مشروعاً إبداء تفاؤل حذر إزاء الوساطة الجديدة التي تقوم بها عُمان بين وفد سعودي وصل مؤخراً إلى العاصمة اليمنية صنعاء وأجرى مباحثات مباشرة مع رئيس المجلس السياسي لجماعة الحوثي، تحت لافتة معلنة هي مناقشة «المضي قدماً في صناعة السلام». ورغم أن مسقط تولت وساطة مماثلة أواخر العام المنصرم، فإن هذه الجولة الجديدة تستند أساساً على التقارب الأخير بين السعودية وإيران واتفاقهما على استئناف العلاقات الدبلوماسية بعد 7 سنوات من القطيعة والمواجهة العسكرية في اليمن وتعرّض منشآت نفطية ومطارات سعودية لصواريخ الحوثي.

لكن التفاؤل قد لا يتجاوز حدود اعتماد هدنة طويلة الأمد أو مختلفة عن سابقاتها من حيث النطاق الجغرافي والعسكري، كما يمكن للوسيط العماني أن يأمل أكثر في مناقشة ما يتردد عن خطة سلام جرى التوصل إليها خلال محادثات سعودية وحوثية رعتها مسقط أيضاً واستغرقت ثمانية أسابيع، وسبق أن وافق عليها مجلس الرئاسة اليمني. المشكلة هنا أيضاً أن عناصر الخطة تبقى منحصرة في إطارات عسكرية تدور حول هدنة أولى مدتها 6 أشهر، تعقبها فترة مفاوضات لثلاثة أشهر تناقش مرحلة انتقالية تستمر سنتين، وبعدها فقط يتم الانطلاق إلى مفاوضات ما يسمى بالحل النهائي.

معروف أن النزاع في اليمن تجاوز صيغة الحرب الأهلية اليمنية ـ اليمنية وانقلب إلى صراع إقليمي بين تحالف عربي تقوده السعودية، وإيران ضمن سلّة نفوذ إقليمية تشمل العراق وسوريا ولبنان من جهة ثانية. ولهذا فإن التوصل إلى تفاهمات بين الرياض وطهران يمكن بالفعل أن يرسي هدنة عسكرية ملموسة أكثر من ذي قبل، وقد يتيح فتح مطار صنعاء وبعض الموانئ الواقعة تحت سيطرة الحوثيين وتبادل أعداد أكبر من الأسرى، وسوى ذلك من ملفات عسكرية أو لوجستية.

لكنه لن يشكل عتبة صلبة أو حتى مبدئية للدخول في مستويات عملية وحلول ناجعة لمشكلات يمنية ـ يمنية تخص المجتمع والنظام السياسي والدولة المدنية، كانت كامنة في قلب الصراع الذي بدأ سنة 2014 مع سيطرة الحوثي على صنعاء بتسهيل من نظام علي عبد الله صالح، واتخذ سريعاً صفة حرب أهلية قبل أن يتكفل التدخل العسكري السعودي/ الإماراتي في سنة 2015 بتحويله إلى نزاع إقليمي. وليس غريباً بالتالي أن يقبل الحوثيون بالتفاوض مع السعودية وليس مع الحكومة المركزية، ما دامت القضايا الجوهرية العالقة مؤجلة اليوم لصالح الشؤون العسكرية والأسرى ودفع الرواتب وما إلى ذلك.

وفي الأصل كان المشروع السعودي/ الإماراتي في اليمن بمثابة خطة عسكرية واستثمارية، تطابقت بعدها مصالح الرياض وأبو ظبي، أو تعارضت في جنوب اليمن. وأن يجنح ولي عهد السعودية محمد بن سلمان إلى السلم اليوم في اليمن أمر لا يُلزم بالضرورة شريكه السابق حاكم الإمارات محمد بن زايد. وهذا بدوره عنصر محوري من الضروري التفاهم حوله كي لا تتبدد الآمال، فليس بالتفاؤل الحذر وحده يحيا اليمن.

المصدر: القدس العربي.

الآراء الواردة في المقال تعبّر عن رأي صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".