صلاح سلام
الكلام الأميركي عن مواصلة السعي للتوصل
إلى هدنة إنسانية في غزة، يعتبر أبشع صور النفاق السياسي والديبلوماسي الذي تمارسه
الإدارة الأميركية الحالية، منذ الأيام الأولى لإندلاع الحرب الإسرائيلية ضد االمدنيين
في غزة.
الدعم العسكري اللامحدود، وغير المسبوق لآلة الحرب
الصهيونية، يُكذب كل المزاعم الأميركية بالعمل على تخفيف إستهداف المدنيين العزَّل
من أهالي غزة، وبذل المحاولات الخادعة لإقناع نتانياهو بوقف مؤقت ومحدود لإطلاق النار،
إفساحاً لمفاوضات إطلاق الرهائن، وتسريع إدخال المساعدات الإنسانية الملحة، من غذاء
ودواء، والمساعدة على خروج الأجانب الذين مازالوا داخل غزة، وعمليات القصف الهمجية
التي اليومية تُعرض حياتهم للخطر.
وزير الحرب الصهيوني أعلن صراحة بأنه
ينسق كل خطط المعارك الجوية والبرية مع وزير الدفاع الأميركي مباشرة. كما سبق للبنتاغون
أن أعلن عن وجود ضباط ومستشارين عسكريين أميركيين في القيادة العسكرية للعدو الإسرائيلي،
يتابعون التطورات الميدانية على الأرض، الأمر الذي يعني أن الأميركيين يشاركون بشكل
مباشر في إدارة الحرب الوحشية ضد غزة.
كما سبق لوزير الخارجية الاميركية أنطوني
بلينكن أن أبلغ وزراء الخارجية العرب الذين إلتقاهم في عمّان أن واشنطن تُعارض وقف
فوري لإطلاق النار في غزة، لأن مثل هذا القرار تستفيد منه حركة حماس !!
لو كانت الولايات المتحدة جدية في كلامها
عن سعيها لتحقيق الهدنة الإنسانية، لكانت مارست من الضغوط على تل أبيب ما يكفي لإنصياع
حكومة نتانياهو للقرار الأميركي. أو لكانت المندوبة الأميركية في مجلس الأمن تقدمت
بمشروع قرار لوقف فوري للنشاط العسكري في غزة، والذي كان سيحظى بإجماع الأعضاء، الذين
سبق لبعضهم أن تقدموا بمشاريع لوقف العنف في غزة، سقطت كلها بسبب الفيتو الأميركي،
الرافض لأي هدنة في هذه الحرب المدمرة.
والمفارقة أنه كلما زادت حركات الإحتجاج
في المدن الأميركية والأوروبية ضد الحرب الوحشية ضد أطفال ونساء غزة، كلما إستمر الصمت
المريب من واشنطن وعواصم القرار الأخرى، رغم أن عدد ضحايا حرب الإبادة التي تشنها الدولة
الصهيونية ضد الفلسطينيين في غزة، تجاوز بشهر واحد فقط، عدد الضحايا الذين سقطوا في
الحرب الأوكرانية المستمرة منذ ثلاثين شهراً ونيّف.
فماذا بقي من مصداقية «الدولة العظمى»
التي تُنصّب نفسها زعيمة العالم؟
المصدر: اللواء.
الآراء الواردة في المقال تعبّر عن
رأي صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".