د. وائل نجم
الجريمة الصهيونية المنظّمة
بحق أهالي غزة وفلسطين من الرجال والنساء والأطفال المدنيين باتت واضحة ومعلومة
لكلّ العالم في ظلّ القصف الهمجي على مدار أكثر من خمسة أشهر، وفي ظلّ الحصار الذي
يمنع إدخال المساعدات الغذائية والأدوية وحليب الأطفال، وفي ظلّ الصمت الدولي، بل
الدعم الدولي، وفي ظلّ العجز العربي عن وقف هذه المذبحة والمجزرة بحقّ أولئك
الأبرياء. وأمّا الهدف فقد بات أيضا واضحاً لا يحتاج إلى كثير عناء لكشفه. الهدف
من وراء هذه الجريمة المنظّمة والمجزرة والمذبحة المتواصلة هو تهجير الشعب الفلسطيني
من أرضه ومنازله في غزة والضفة الغربية ولاحقاً من القدس وأراضي 48 ومن كلّ حبّة
تراب له، وربما لاحقاً أيضاً تهجير اللبنانيين والسوريين والأردنيين والمصريين
بهدف إقامة الكيان المزعوم من النيل إلى الفرات.
وفي مقابل ذلك، هل يعني
استمرار المجزرة تسليم رقابنا للسفاح تحت عنوان جبروته وقوته وتسلّطه على أهلنا
وعلينا؟! هل يعني الصمت الدولي، بل الاشتراك بالمجزرة خضوعنا للجزار حتى يستمر في
ذبحنا أو استخدامنا في مشاريعه وبعد ذلك التخلّص منّا بأيّة طريقة من الطرق؟! وهل
يعني العجز العربي والإسلامي عن القيام بأيّ فعل للتخفيف أو لوقف هذه المجزرة أن
نشارك العاجزين عجزهم ونكتفي بإحصاء الضحايا والشهداء ونظهر الحسرة والتألم على
المشاهد التي بتنا نألفها كما لو أنها عادية؟!
إنّ الواجب الإسلامي أولاً
يدعو المسلمين في كلّ العالم، ولا سيما الأقرب فالأقرب إلى فلسطين، إلى القيام
بالفعل الذي يوقف المجزرة ويخفّف عن المسلمين الفلسطينيين. فالأمة واحدة ويسعى
بذمتها أدناها وهي يد على من سواها. والمسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو
تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. وهم كالبنيان المرصوص يشدّ بعضه بعضاً. وبعد
ذلك فإنّهم مسؤولون أمام الله عن هذا الواجب إذا ما تركوه وركنوا إلى الدنيا
ودعتها.
وأما الواجب الوطني فهو يأخذ
بين الاعتبار المصالح الوطنية ليس للحاضرين في حضرة الوطن الآن فقط، بل لأجيال
المستقبل. وقد بات معلوماً أنّ العدو يظهر الحقد والكراهية للوطن ولكلّ أبنائه
دونما تمييز أو تفريق. أظهر أطماعه بالوطن، بمياهه ونفطه وغازه وأرضه وتنوّعه وبكلّ
شيء فيه، وبالتالي فإنّ المصلحة الوطنية تقضي التصدّي لهذا العدوان وعدم تركه
يستبيح كلّ شيء حتى يعلو علينا وبعد ذلك يفرض شروطه وسياساته ويحقّق أطماعه.
وبالتالي فإنّ الواجب الوطني يدعو الجميع إلى الانخراط في أداء هذا الواجب حتى
نضمن للوطن دوره ومصالحه وحضوره لكلّ أبنائه ومكوّناته.
وأما الواجب الإنساني فيتمثل
في تحرّك أصحاب الضمائر والوجدان لوقف آلة القتل الهمجية التي تفتك بكلّ شيء دونما
اعتبار لأيّ شيء. تقتل الأطفال دون رحمة، وتهتك الأعراض دون رأفة، وتبيد الأرض وما
عليها دون أيّ اعتبار لحجر أو شجر أو بشر. إنّ الواجب الإنساني يدعو كل صاحب ضمير
حي ووجدان صاح إلى التحرّك من أجل وقف القتل والإجرام، بل ومحاسبة المجرمين عن
الجرائم التي يقترفونها.
وبهذا المعنى فإنّ الجميع على
امتداد مساحة الوطن مدعو لأداء هذه الواجبات قبل أن يتفرّغ المجرم لارتكاب جرائمه
بحق أبنائنا وأطفالنا ونسائنا، وقبل أن يدمّر أحلامنا بمستقبل أفضل لأجيالنا
القادمة. فهل نعي هذه الواجبات أم ترى نستمر في تقاذف الاتهامات التي تتيح للعدو
تنفيذ مخططاته بحقّنا وبحقّ كلّ شعوب المنطقة؟!
الآراء الواردة في المقال
تعبّر عن صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".