د. وائل نجم
مطلع الأسبوع الجاري دحض رئيس
المجلس النيابي، نبيه برّي، الشكّ باليقين. أعلن بشكل واضح لا لبس فيه أنّ مرشح
التحالف الذي ينضوي فيه، أو بمعنى آخر أكثر وضوحاً، مرشح الثنائي الشيعي لرئاسة
الجمهورية بعد مرور أربعة أشهر من الشغور هو النائب السابق سليمان فرنجية. وقد
تبعه ليلة الثلاثاء الأمين العام لحزب الله ليؤكّد ويعلن أنّ مرشح الحزب لرئاسة
الجمهورية هو سليمان فرنجية.
اليوم اللعبة باتت مكشوفة.
الثنائي مع حلفائه يرشّحون فرنجية، وخصومهم أو منافسوهم في المقلب الآخر يرشّحون
ميشال معوّض، وما بينهما يقف المستقلّون والتغييريون الذين لم يحدّدوا إلى الآن
بشكل واضح مرشحهم للرئاسة. والإشكالية في كلّ هذا الشرح أنّ أحداً من هؤلاء لا
يملك أغلبية الـ 65 صوتاً للفوز بالرئاسة إلاّ في إطار التسويات والصفقات، فضلاً
عن إمكانية تأمين انعقاد جلسة الانتخاب وهو 86 نائباً وهو كذلك خاضع لمنطق
التسويات والصفقات وإلاّ لا جلسة دستورية أو قانونية للانتخاب إذا قرّر طرفين
آخرين الغياب.
حسناً ما هو العمل في مثل هذه
الأوضاع والأمور؟
المنطق الطبيعي في دولة تعتمد
النظام الديمقراطي البرلماني أن يذهب كل فريق ومعه مرشحه إلى المجلس النيابي، وأن
تنعقد جلسة الانتخاب، وأن يصوّت كلّ نائب لمن يرى فيه مصلحة لبنان، وبعد ذلك يفوز
المرشح الذي يحظى بثقة الـ 65 نائباً.
ولكن المنطق اللاطبيعي وهو
السائد في البلد، يتمثّل في أنّ كل فريق يمتلك القدرة على التعطيل في مكان ما يلجأ
إلى التعطيل إذا لم تكن النتيحة على هواه، وبالتالي يجري تعطيل الحياة السياسية
وتعطيل الحلول واستمرار الأزمات، وكلّ ذلك يجري تحت عنوان اللعبة الديمقراطية إذ
يعتبر كل فريق أنّ من حقّه أن يعطّل النصاب القانوني للجلسات إذا لم يكن الأمر في
مصلحته وأنّ هذا من أساس اللعبة الديقمراطية، وبئس هذه اللعبة التي تعطّل البلد
وتعطّل كلّ شيء فيه.
والحلّ؟ طالما أنّ المنطق
الطبيعي لا يمرّ، والمنطق اللاطبيعي أيضاً لا يوجد حلّاً !
الحلّ يكون عبر الدخول في
تسوية أو صفقة تكون حلّاً بين الأطراف التي تملك القدرة على التعطيل، وهو ما يمكن
أن نسمّيه مجازاً الحوار. وفي مثل هذه الحالة تكون الصفقة أو التسوية بالبحث أو
بإنتاج شخصية تكون توافقية أو نقطة تقاطع بين الجميع. وهنا نخرج من حالة
المرشّحَين فقط إلى مساحة البحث عن الشخصية التوافقية، ولكنّ ذلكّ أيضاً يحتاج إلى
قناعة لدى كلّ فريق بضرورة الخروج من الأزمة لانّ الجميع يكاد يجمع على أنّ مفتاح
بداية الخروج من الأزمة يبدأ من انتخاب رئيس جديد للبلاد.
وهنا يأتي الحديث عن ترشيح
سليمان فرنجية بشكل رسمي من قبل الثنائي أمل – حزب الله، هل هو للضغط على الأطراف
الأخرى وإرغامها على القبول به رئيساً كما حصل في تجربة العام 2026 مع الرئيس السابق
ميشال عون؟ أم هي مقدمة لدخول حلبة التفاوض والحوار المباشر وغير المباشر ومن ثمّ
التخلّي عن فرنجية تحت عنوان أنّ الأطراف الأخرى غير راغبه به وبالتالي لا بدّ من
حلّ عبر شخصية أخرى تكون محل رضا كلّ الأطراف؟
من الواضح أنّ المرشح سليمان
فرنجية لم يسرّه إعلان الثنائي عن تبنّي ترشيحه بهذه الطريقة والصيغة لأنّه يدرك
أنّه لا يمكن أن يكون رئيساً وهو محسوب على فريق دون آخر، وهو قد حاول جاهداً خلال
الفترة السابقة أن يقدّم نفسه وسطياً وتوافقياً بين الجميع، وعليه فهو بدأ يشعر
أنّ حظوظه بالرئاسة بدأت تتراجع في ظلّ هذا الموقف إلاّا إذا حصلت صفقة وتسوية
طالت كلّ المنطقة وحتى جزئيات الداخل اللبناني، فعندها قد يتحوّل إلى مرشح تسوية
بين الجميع.
مع دخول الفراغ الرئاسي شهره
الخامس يبدو أنّ الرحلة ستطول وأنّ الجميع ينتظر التسويات الخارجية أكثر من
التسليات الداخلية، لأنّ المُقرّر الخارجي يبدو في هذه اللعبة أكثر تأثيراً
وفعالية من صاحب الدار في هذا القرار.
الآراء الواردة في المقال
تعبّر عن صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".