صلاح سلام
كلام حاكم
المركزي بالإنابة وسيم منصوري أعاد سلسلة الأزمات المالية والإقتصادية والإجتماعية
والمعيشية، إلى جذورها السياسية العميقة، واضعاً يده على مكامن الخلل، وأسباب الإنهيار،
ومحملاً المنظومة السياسية مسؤولية إستمرار الأزمات، وحصول المزيد من الإنهيارات، في
ظل التهرب الحاصل من النواب في مواجهة مقتضيات الإصلاح والإنقاذ.
الواقع أن
المعالجات المالية وحدها لا تكفي، إذا لم تكن مقترنة بقوانين إصلاحية حاسمة، في مقدمتها
قانون الكابيتال كونترول بعد إدخال التعديلات اللازمة عليه، وقانون التعافي الإقتصادي،
فضلاً عن قانون إعادة هيكلة المصارف. وإصدار هذه القوانين يبقى من مسؤولية القوى السياسية
وكتلها في مجلس النواب، بعيداً عن الإصطفافات المحورية بين طرفي المعارضة والممانعة،
لأن إنقاذ البلد أهم من النقاش البيزنطي الدائر بين الفريقين حول الإنتخابات الرئيسية،
وخلفيات مقاطعة تشريع الضرورة.
لا أحد يستطيع
الإعتراض على ترتيب الأولويات التي طرحها منصوري في مؤتمره الصحفي أمس، حيث وضع رواتب
موظفي القطاع العام في المقدمة، بالتوازي مع الإلحاح بضرورة إعادة فتح كل دوائر الدولة
المنتجة مالياً، مثل الدوائر العقارية والإدارات الضرائبية، ومصلحة الميكانيك، وتفعيل
الجبايات للكهرباء والبلديات والمؤسسات العامة الأخرى، لتتمكن الدولة من تأمين التوازن
المنشود بين الواردات والمصروفات، لأن عهد إقراض الدولة لسد عجزها المالي المزمن قد
إنتهى إلى غير رجعة، مع الإدارة الجديدة في المركزي.
ولكن منصوري
قرع جرس الإنذار مرة أخرى، محملاً السياسيين مغبة الإستمرار في سياسات الخلافات والتعطيل
فترة طويلة، لأن التدابير الإحترازية التي سيتخذها المركزي تستطيع توفير الإستقرار
النقدي الحالي فترة محددة، نظراً لقلة الإمكانيات التدخلية المتوفرة لدى المركزي حالياً،
وحرصاً على عدم التفريط بما تبقى من أموال المودعين في الإحتياطي الإلزامي، وتجنب الوقوع
في لجج التضخم النقدي.
وإعترف حاكم
المركزي بالإنابة بخطورة العودة إلى طبع العملة اللبنانية، في حال تلكأت السلطة السياسية
في إقرار القوانين المطلوبة، وأهملت إتخاذ الإجراءات الضرورية لتحقيق التوازن في ميزانيتها،
مما سيؤدي إلى مضاعفة الضغط على الليرة، وإشتداد الطلب على الدولار .
أما مسألة
تأمين الدولارات اللازمة للكهرباء والإتصالات والدواء، دون تشكيل ضغط يؤدي إلى رفع
سعر الدولار، فما زالت قيد النقاش، بحثاً عن الحلول المناسبة، ودرس إمكانية الجباية
بالدولار، في حال إعطاء الخيار للمستهلك بالدفع بالليرة أو بالعملة الخضراء.
منصوري قرع
جرس التحذير للسياسيين..، فهل مَنْ يسمع قبل حصول الإرتطام الكبير؟
المصدر: اللواء.
الآراء الواردة في المقال تعبّر عن رأي صاحبها ولا تعبّر
عن "آفاق نيوز".