صلاح سلام
ما جرى أمس في بعض شوارع بيروت والمناطق
هو بمثابة جرس إنذار لما يمكن أن يصل إليه تدهور الأوضاع في البلد، في مهب الزلزال
الدولاري المستمر الذي دك البيوت اللبنانية، وقلب حياة عائلاتها رأساً على عقب.
اللبنانيون لا يريدون السقوط في فوضى
الشارع، والمودعون ليسوا هواة التظاهر في الطرقات، والمعلمون يضطرون للإعتصام أمام
وزارة التربية مطالبين بحقوقهم، والسائقون يعمدون إلى قطع الطرقات دفاعاً عن لقمة عيشهم.
والسلطة الغائبة عن مسؤولياتها تتجاهل كل ما يجري حولها من تداعيات ومضاعفات، مُكتفية
بتكليف الجيش والقوى الأمنية بمواجهة غضب الناس، لتغطية عجزها وفشلها في إتخاذ خطوات
الإصلاح والإنقاذ.
من حق أصحاب الودائع أن يتظاهروا ويصعّدوا،
ويلجأوا إلى المحاكم لتحصيل أموالهم، وتأمين حاجياتهم المعيشية والضرورية، طالما أن
الحكومات المتعاقبة منذ إندلاع تسونامي الإنهيارات، فشلت في توفير الضمانات اللازمة
للمودعين بإعادة أموالهم وفق برنامج محدد، ولو بعد حين، على نحو ما يحصل في بلدان العالم
المتمدن عند حصول مثل هذه الأزمات المالية والإقتصادية، وكما حصل في لبنان خاصة إبان
أزمة بنك إنترا، حيث صدرت عدة قوانين في غضون أسابيع قليلة لتطويق تداعيات وقوع البنك
الأكبر في لبنان والشرق الأوسط يومذاك، وحماية حقوق المودعين، وإيضاً الحفاظ على الثقة
بالقطاع المصرفي اللبناني.
تجنب الوقوع في فوضى الشارع لا يتم
برفع الشعارات، وتكثير الوعود، بقدر ما يتطلب تحركاً من الحكومة ومجلس النواب لتسريع
إصدار القوانين والقرارات الضرورية، للتصدي لأخطر الأزمات التي أمسكت بخناق الأكثرية
الساحقة من اللبنانيين، وإستعادة ثقة الدول المانحة والمؤسسات المالية الدولية، وفي
مقدمتها صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، لفتح أبواب المساعدات والتسهيلات المالية
والإئتمانية التي لا قيامة للإقتصاد الوطني بدونها.
أصحاب الودائع تحوّلوا إلى أرتال من
أصحاب الحاجات اليومية، بكل ما تحمله من مشاعر الهوان والذل أمام أبواب المصارف، بسبب
الإهمال الرسمي المتعمد لحقوقهم، وغياب المعالجات الجدية لإستعادة أموالهم.
أفلا يحق لهم التعبير عن سخطهم وغضبهم
ضد مغتصبي أموالهم ؟
المصدر: اللواء.
الآراء الواردة في المقال تعبّر عن
رأي صاحبها ولا تعبّر عن "آفاف نيوز".