منير الربيع
يتفعّل الحراك الديبلوماسي حول الملف
اللبناني. داخلياً حركة مشهودة يقوم بها السفير القطري في بيروت ابراهيم بن عبد العزيز
السهلاوي، تحضيراً للاجتماع الخماسي الذي سيعقد في العاصمة القطرية الدوحة يوم الإثنين
المقبل. وفي هذا الإطار التقى السفير القطري بالسفير السعودي في بيروت وليد البخاري،
وبالبطريرك الماروني بشارة الراعي. أما خارجياً، فقد زار المبعوث الشخصي للرئيس الفرنسي
للبنان، جان إيف لودريان، المملكة العربية السعودية، حيث التقى بالمستشار في الديوان
الملكي السعودي نزار العلولا، للبحث بملف لبنان والتحضير لإجتماع الدوحة، على أن يعود
بعدها لودريان إلى باريس للقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وبعدها يفترض أن يعود
إلى بيروت للقاء المسؤولين في زيارة تستمر لأيام عديدة.
حوار لبناني لبناني
عملياً، لا بد من انتظار اجتماع الدوحة
وما يمكن أن ينتج عنه، خصوصاً أن أفكاراً كثيرة ستكون متداولة، من بينها تثبيت تغيير
المقاربة الفرنسية للملف اللبناني، والتراجع عن مسألة تبني خيار سليمان فرنجية. وهذا
يمكن قراءته من خلال أداء لودريان ومواقفه، بالإضافة إلى فريق العمل الذي يرافقه، ويضم
بعضاً من مسؤولي وزارة الخارجية الفرنسية. كذلك من الأفكار المطروحة هو مسألة اجراء
حوار لبناني لبناني، سواءً داخل لبنان أو خارجه، فيما هناك تضارب في وجهات النظر حول
أهمية هذا الحوار من عدمه. إذ أن هناك أفرقاء في الخارج يعتبرون أن الحوار الداخلي
لن يؤدي إلى نتائج، طالما أن الأزمة بنيوية في لبنان. وهناك صراع على وجهة البلد وهويته
وكيفية استمراره. فيما يفضل آخرون أن يكون الحوار منحصراً بالاتفاق على انتخاب رئيس
الجمهورية، من ضمن سلة شاملة تضم الاتفاق على رئيس الحكومة، وآلية تشكيل مجلس الوزراء،
وكيفية توزيع الحصص فيه، بالإضافة إلى الاتفاق على تعيينات في مواقع أساسية بالدولة،
كحاكم مصرف لبنان، قائد للجيش، رئيس للمجلس الأعلى للقضاء وغيرها.
الديبلوماسية القطرية
يعلّق اللبنانيون آمالاً كبيرة على
هذا اجتماع الدوحة، خصوصاً أن زيارة لودريان الأخيرة إلى بيروت لم تؤد النتائج التي
كانت مطلوبة، ولم تخرج بنتائج واضحة. وهناك تعويل على أن يتم تعزيز التنسيق بين هذه
الدول لوضع تصور واضح حول كيفية العمل على معالجة الأزمة اللبنانية. لا سيما أن الديبلوماسية
القطرية كانت ناشطة في الفترة الأخيرة حول لبنان، بناء على التنسيق مع المملكة العربية
السعودية، والولايات المتحدة الأميركية. كما هناك تعويل على قدرة قطر على تحقيق تقدم
في لبنان، إنطلاقاً من علاقتها مع غالبية القوى السياسية الداخلية، ومع قوى إقليمية
ودولية، ولا سيما مع ايران، خصوصاً أن الدوحة لعبت أدواراً أساسية في مرحلة سابقة بين
واشنطن وطهران، على خط الاتفاق النووي، كما نجحت في ملفات متعددة عملت عليها بالتنسيق
مع أميركا، خصوصاً في ملف أفغانستان.
تتحرك الديبلوماسية القطرية في لبنان،
انطلاقاً من ضرورة الالتقاء بين غالبية القوى، وهي التي كانت قد خبرت سابقاً الملف
اللبناني منذ ما قبل اتفاق الدوحة إلى ما بعده، من خلال مراكمة الحضور والعلاقات. كما
أن الدوحة لديها حضورها الأساسي في ملف التنقيب عن النفط والغاز والتصدير لاحقاً، لا
سيما أن لبنان لديه آمال كبيرة في أن تستثمر قطر في قطاع الطاقة وفي عملية تصدير الغاز
بعد استخراجه.
"التيار" و"الحزب"
في موازاة التحركات الخارجية، لا بد
من الالتفات إلى تجدد التحرك الداخلي، ولا سيما بين حزب الله والتيار الوطني الحرّ.
إذ تجددت المفاوضات بين الطرفين من دون شروط مسبقة. وهو ما يعتبره الحزب أمراً إيجابياً،
من خلال تراجع باسيل عن فكرة رفض التفاوض على إسم سليمان فرنجية، والارتضاء بالتفاوض
حول أسماء من بينها رئيس تيار المردة، الذي يتمسك الحزب بترشيحه، وسيسعى إلى إقناع
باسيل بهذا الخيار، على الرغم من الاقتناع بصعوبة ذلك، بعدما ذهب باسيل بعيداً في معارضته
لفرنجية، فيما سيسعى لإقناع الحزب بمجموعة أسماء أخرى، إلا أن حزب الله يؤكد أنه لن
يغير موقفه بالذهاب إلى مرشحين آخرين.
على ضفة أخرى، لا بد من التركيز على
الدخول اللبناني في مسار جديد، سيكون عنوانه ترسيم الحدود البرية، وهي إحدى أوراق القوة
التي يستخدمها حزب الله ورئيس مجلس النواب نبيه برّي في هذه المرحلة. وهي ما ستستدعي
تحركاً أميركياً أساسياً في المرحلة المقبلة من خلال إيفاد الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين
إلى بيروت، لمواكبة هذا الملف. علماً أن هوكشتاين لديه زيارة محددة إلى لبنان في منتصف
شهر آب لمواكبة الإعلان عن بدء التنقيب عن الغاز، فيما يجري اتصالات باللواء عباس ابراهيم،
لمواكبة كيفية تخفيف التوتر في الجنوب بملف الخيمتين وضم الغجر.
هو مسار يمكن أن يدفع مجدداً إلى التكامل
ما بين الملفين الحدودي والرئاسي، أو إلى التسابق بينهما.
المصدر: المدن.
الآراء الواردة في المقال تعبّر عن
رأي صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".