وائل نجم
تشتدّ
الأزمة الاقتصادية على المواطنين مع الشغور في منصب الرئاسة الأولى، ومع عدم وجود حكومة
أصيلة، ومع غياب أيّ جهد حقيقي لمعالجة الأزمة وإيجاد الحلول لها، وتضغط هذه الأزمة
على الموطنين بما يحوّل حياتهم يوماً بعد يوم إلى جحيم لا يُطاق.
غير
أنّ الطبقة السياسية إذا صحّ تسميتها "طبقة" غارقة في همومها ومصالحها وتختلق
المعارك الوهمية أمام الرأي العام وأمام مناصريها مُوهِمة هؤلاء وأولئك أنّها تعمل
لصالحهم ولإنقاذ الطائفة أو المذهب أو الحزب أو الشريحة التي ينتمون إليها، وليس إنقاذ
البلد بشكل عام وهو السقف الذي يستظلّ تحته الجميع فعندما ينهار – لا قدّر الله – ينهار
على الجميع!
آخر
ما ابتدعته هذه الطبقة الفاجرة والفاسدة هو الجدل على دستورية انعقاد مجلس الوزراء،
القائم بأعمال تصريف الأعمال، في ظلّ الشغور الرئاسي. البعض راح بالاتهام إلى حدود
التخوين والتخويف بحيث رأى أنّ انعقاد جلسة مجلس الوزراء لمناقشة أزمة الكهرباء هو
تجاوز للدستور ومخالفة له، وهذا يعرّض صاحبه لاحقاً للمخالفة. وآخر رأى أنّه لا مخالفة
دستورية في انعقاد الجلسة طالما أنّها تقع ضمن مسؤولية تصريف الأعمال وتأمين مصالح
الناس!
وبغض
النظر عن دستورية أيّة جلسة للحكومة من عدمه، هل نسي أولئك أنّ الدستور أساساً وضع
من أجل تأمين حسن سير النظام العام وتالياً تأمين مصالح الناس. بمعنى آخر أنّه أساساً
وجد من أجل الناس والمواطنين. هل نسي أولئك على سبيل المثال أنّ بعض المسؤولين انتخبوا
وشغلوا مواقع أساسية في البلد وأداروا البلد لفترات مع أنّ انتخابهم كان فيه مخالفة
للنصوص الدستورية؟! هل نسي أولئك أنّ بعض الحلول المطروحة اليوم للأزمة تحمل في طياتها
بعض الأفكار التي تحمل مخالفات دستورية؟! على نسي أولئك أنّ بعض الانجازات التي سجّلت
للعهد الأخير كان فيها من المخالفات الدستورية ما لا يُعدّ ولا يُحصى، بل أنّ بعضها
بلغ مبلغ الخيانة في تفسير في الخبراء؟!
الناس
اليوم باتت في وضع لا يُحسد عليه، وباتوا يعانون بشكل كبير جدّاً بحيث أنّ الكهرباء
التي باتت حاجة أساسية وماسّة لكل الناس لا تصلهم سوى ساعة واحدة كلّ يومين أو ثلاثة
أيام! فهل يُعقل أن يتعطل تأمين هذا المرفق تحت عنوان الدستورية؟ هل يجوز أن تزداد
الضغوط على الناس وتتفاقم أزماتهم الحياتية اليومية تحت عنوان الدستورية؟!
إنّ
أبسط طريق لاحترام الدستور والتزامه وتأمين انعقاد جلسات مجلس الوزراء بصورة صحية لا
غبار عليها هو في تأمين النصاب لجلسات المجلس النيابي من أجل انتخاب رئيس جديد للبلاد
وعدم تركها للفراغ، وبعدها سيكون للبنانيين حكومة أصيلة تدير البلد بشكل دستوري سليم
لا شكّ فيه، خاصة إذا خرج البعض من منطق المحاصصة والمحسوبية والاستئثار.
إنّ
الجدل المفتعل حول دستورية جلسات مجلس الوزراء في ظلّ الشغور الرئاسي هو عبارة عن محاولة
لعرقلة أيّ حل ّ أو تحفيف عن اللبنانيين تحت عنوان دستوري، فيما الحقيقة في هذا الجدل
هي في استغلاله للحصول على التزامات أو مصالح خاصة وفئوية أو بهدف تعطيل الأمور لتوظيفها
في مكان آخر.
إنّ الجدل يزيد من أزمة اللبنانيين
الحياتية واليومية وهو ما قد يولّد نوعاً من الضغط الذي قد ينفجر اجتماعياً في أيّة
لحظة بوجه الجميع وعندها لن ينفع الجدل ولن ينجو المتجادلون.