صلاح سلام
هل بدأ العدّ العكسي لرحيل نتانياهو
وحكومته اليمينية المتطرفة؟
السؤال تطرحه سلسلة التطورات المتسارعة
داخل الكيان الصهيوني، بعد إضطرار تل أبيب إلى وقف الحرب على غزة، والقبول بـ«الهدنة
الإنسانية»، وعقد مفاوضات مع حركة «حماس»، والخضوع لمطالب المفاوض الفلسطيني، بالنسبة
لآلية إطلاق الرهائن، وتحديد الأعداد والأسماء من المحتجزين الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين،
من الجانب الفلسطيني.
الموافقة على قرار وقف إطلاق النار
من قبل حكومة نتانياهو، هو بحد ذاته إعتراف غير مباشر بفشل حرب الخمسين يوماً من تحقيق
أي من أهدافها المعلنة منذ اليوم الأول لبدء القصف الجوي الوحشي على الأحياء المدنية
في القطاع. لا القصف بعشرات الآلاف من أطنان القنابل والصواريخ المدمرة قضت على حماس
وقيادتها. ولا الحملة البرية رغم شراستها إستطاعت الوصول إلى الأسرى والمحتجزين في
الأنفاق. ولا تدمير مدن شمالي القطاع ومخيماته ومستشفياته، حقق الشريط العازل والآمن
للمستوطنات المجاورة لغزة، والتي كانت في صلب
أهداف عملية «طوفان الأقصى».
رغم حرب الإبادة الهمجية ضد الفلسطينيين
في قطاع غزة، بقيت البنية العسكرية لحماس والفصائل الفلسطينية متماسكة. وإستمرت الصواريخ
الفلسطينية في الوصول إلى تل أبيب والمدن الأخرى. وبقي الرهائن مع حماس، الأحياء منهم،
والأموات الذين قضوا بالقصف الوحشي الإسرائيلي.
بالمقابل، بدأت الخلافات داخل الإئتلاف
الحكومي اليميني تخرج إلى العلن، وعبر الإعلام الإسرائيلي نفسه، حيث عارض الوزراء المتطرفون،
وخاصة بن غفير وسموريتش، الهدنة الأولى والتمديد للثانية، مهددين بالإنسحاب من الحكومة،
وسحب ثقة نواب بن غفير الستة من نتانياهو، الأمر الذي سيؤدي تلقائيا إلى فرط عقد حكومة
اليمين المتطرف، وخروج نتانياهو من السلطة، ليواجه دعاوى الفساد ضده من جهة، وليقع
فريسة لجان التحقيق بإخفاقاته الأمنية المتوالية منذ ٧ تشرين الأول.
ذهاب رئيس الموساد شخصياً إلى الدوحة
للتفاوض على إطلاق جميع الأسرى والمحتجزين لدى حماس، بمشاركة نظيريه الأميركي والمصري،
والبحث بإمكانية التوصل إلى وقف دائم لاطلاق النار في غزة، مؤشر جديد على حالة الخلاف
والإرباك في تل أبيب، بين فريق «يتبهور» بالعودة إلى الحرب في غزة، وآخر يسعى إلى التجاوب
مع الضغوط الأميركية والأوروبية المطالبة بوقف دائم للعمليات العسكرية في القطاع، وإفساح
المجال لدخول المساعدات الضرورية سريعاً وبكثافة
، والعمل على لملمة الأوضاع الإنسانية لأكثر من مليونين فلسطيني.
وزير الخارجية الأميركية بلينكن قادم
إلى المنطقة حاملاً معه الجرس الأميركي للتغيير في تل أبيب: إما تغيير قرار الحرب،
أو تغيير الحكومة ورئيسها.
في كل الأحوال نتانياهو خسر الحرب،
حتى ولو تجرأ وعاد إلى الميدان من جديد.
المصدر: اللواء.
الآراء الواردة في المقال تعبّر عن
رأي صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".