منير الربيع
يواكب حزب
الله تطورات الوضع في المنطقة. التركيز الأول على اسرائيل، وما يمكن أن تقوم به الحكومة
الجديدة، خصوصاً أنها تضمّ "مجموعة من المجانين"، على حدّ تعبير أمين عام
الحزب السيد حسن نصرالله، والذي كثّف من لقاءاته الحزبية الداخلية والعلنية في الفترة
الأخيرة. أما التركيز الثاني، فعلى جملة تطورات تشهدها المنطقة ككل، وينظر فيها الحزب
إلى إمكانية تسجيل اختراقات في العلاقات الإيرانية العربية. لا سيما أن هناك وجهة نظر
تشدد على ضرورة استكمال الحوار الإيراني السعودي، والوصول إلى نتائج أو الى تحقيق بعض
التقارب، في مقابل احتمال حصول تصعيد من قبل الإسرائيليين. ولذلك، تريد إيران التهدئة
في مكان استعداداً للتصعيد في مكان آخر أو تحسباً لذلك.
رفع منسوب
التعبئة
لم يتوان المسؤولون
الإسرائيليون عن توجيه رسائل تهديد علنية لطهران. وفي اعتبار الحزب أن هذه الحكومة
الجديدة والتي تضم أكثر المتطرفين، قد تتخذ خطوات من شأنها إشعال الوضع في المنطقة.
جزء من هذا الأمر كان محط بحث وتركيز بين أمين عام الحزب ووزير الخارجية الإيراني حسين
أمير عبد اللهيان، مع تركيز لدى حزب الله حول ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة تحسباً
لأي تطور. وفي هذا السياق تندرج إطلالات نصرالله المكثفة، سواء خلال اللقاء مع المرفعين
إلى التعبئة العسكرية، أو مع عوائل الشهداء والجرحى، أو حتى في مناسبات مقبلة سيكون
له فيها إطلالات إعلامية ومواقف واضحة. فكل ذلك يهدف إلى رفع منسوب التعبئة لدى بيئة
الحزب.
تطورات إقليمية
في المقابل،
ومن خلال لقاءات حزبية داخلية جرى فيها التداول في التطورات السياسية اللبنانية، كانت
مواقف الحزب مشددة على ضرورة التسوية على قاعدة الحوار والتوافق بين مختلف القوى، بالإضافة
إلى التشديد على التمسك باتفاق الطائف، وعدم فتح الباب أمام الطروحات الأخرى البديلة
التي تتحدث عن تغييره أو تغيير النظام.
كل هذه المواقف
تندرج في سياق حرص الحزب على التسوية في الداخل، وهذا كان جزءاً أساسياً من المباحثات
مع عبد اللهيان. كل الأجواء المحيطة بحزب الله تفيد بأنه جاهز للدخول في تسوية، تتضمن
صيغة توافقية بين الداخل والخارج تنهي الشغور الرئاسي. في المقابل، هناك من ينظر إلى
بعض التطورات الإقليمية معتبراً أنها يمكن أن تنعكس على الواقع اللبناني. ويعتبر هؤلاء
أنه يتم تسجيل بعض الإختراقات السياسية في المشهد العام إقليمياً، كما هو الحال بالنسبة
للملف اليمني، حيث عقدت مباحثات أدت إلى تجديد الهدنة. وهذا مؤشر لا بد من التوقف عنده.
كذلك الأمر بالنسبة إلى تطورات الملف العراقي، لا سيما بعد اجتماع بغداد 2 الذي عقد
في الأردن، ومن خلال تعزيز التواصل دول الخليج والحكومة العراقية الجديدة، والبحث في
تطوير العلاقات وتعزيزها على قاعدة استكمال الاحتضان للعراق، والذي كان قائماً أيام
حكومة الكاظمي.
وهنا لا يمكن
إغفال التطورات المرتبطة بالملف السوري، الذي شهد جملة أحداث في الأيام الماضية، سواء
من خلال السعي التركي للتواصل مع النظام، بالإضافة إلى زيارة وزير الخارجية الإماراتي
الى دمشق، وصولاً إلى زيارة عبد اللهيان ولقائه برئيس النظام بشار الأسد. مثل هذه التطورات
أو التحركات يمكن لها أن تنعكس على الملف اللبناني في المرحلة المقبلة، بحال نجحت في
تحقيق نتائج إيجابية.
بناء عليه،
لا بد من استخلاص نقطتين أساسيتين. الأولى، أن حزب الله جاهز للذهاب إلى تسوية أو إلى
حوار يقود إلى هذه التسوية. والثانية أن الحرص على التسوية في الداخل إلى جانب تهدئة
الملفات الإقليمية الشائكة مع دول الخليج، هدفها التركيز على احتمال حصول تصعيد إسرائيلي
تقوم به الحكومة الجديدة.
سياسياً، ومن
الناحية العملية، فإن سلوك حزب الله في الداخل وتسييره عمل الحكومة مقابل الحرص على
علاقاته مع القوى المختلفة، هو مؤشر لا بد من التوقف عنده، والتقاط لحظته للذهاب إلى
البحث الجدي في عناصر التسوية المنتظرة.
المصدر: المدن.
الآراء الواردة في المقال تعبّر عن رأي صاحبها ولا تعبّر
عن "آفاق نيوز".