منير الربيع
يكثر حزب الله من تصريحاته التي تشير
إلى أنه لا يرضى برئيس يمكن أن "يطعن المقاومة في الظهر"، أو لا يحمي ظهرها.
بناء عليه، يعلن الحزب تمسكه بانتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، ويدعو الأفرقاء
الآخرين للتفاوض معه على هذا الأساس.
"الأيدي الخفية"
طوال السنوات الماضية، كان الحزب يتهم
خصومه السياسيين بأنهم يحاولون الانقلاب عليه أو بأنهم قد غدروا به. بمجرد وقوع اختلاف
سياسي في التوجهات، يسارع الحزب إلى توجيه الاتهامات لخصومه إما بالعمالة أو بالارتهان.
وتتوسع مروحة الاتهامات لتطال الحلفاء، وأبرزهم رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل.
بمجّرد أن يطرح حزب الله سؤالاً أساسياً حول "الأيدي الخفية" التي عملت على
تجميع القوى المتعارضة والمتناقضة خلف جهاد أزعور، فهذا بحد ذاته يحمل مضامين اتهامية
لمعارضيه، ويرتكز على نظرية المؤامرة لديه.
والأغرب من ذلك، أن الحزب يذهب إلى
اعتبار أن هذا الالتقاء بين المتناقضات على ترشيح أزعور، لم يكن ليحصل لولا وجود رعاية
خارجية له، ظاناً أن هذا التحالف هش وغير قائم على أسس صلبة. لكن الحزب في المقابل،
لا يمانع من دعوة هؤلاء المعارضين والمتناقضين للاتفاق معه على سليمان فرنجية. بمعنى
آخر، الحزب يعيب على الآخرين الالتقاء على دعم أحد المرشحين، واصفاً تحالفهم بغير الجدّي
وبأنه لحظوي وآني، فيما لا يتردد بدعوتهم لدعم ترشيح فرنجية. كل ذلك ينحدر من معيار
واحد بالنسبة إلى الحزب، وهو نظرته الاستراتيجية إلى هذا الاستحقاق، والذي لا يمكن
عبره أن يتخلّى لرغبات الآخرين، فيما العنوان هو حماية ظهر المقاومة، والعودة إلى إحياء
معادلة جيش وشعب ومقاومة.
كفرشوبا وقائد الجيش
وهذه معادلة أصر الحزب على إحيائها
في الأيام القليلة الماضية. وهي على ما يبدو أنها ستكون مرشحة لخوض أكثر من عمادة،
في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وغيرهما. مشهد المدنيين اللبنانيين المتظاهرين في تلال
كفرشوبا، وتجاوزهم للشريط الشائك وإزالته، يتضمن تقديم صورة واضحة من قبل الحزب حول
التكامل بينه وبين الناس في تلك المنطقة، بالإضافة إلى حضور الجيش اللبناني أيضاً،
واتخاذه مواقع قتالية في مواجهة جنود العدو الإسرائيلي.
وقد جاء هذا التحرك بعد أيام على المناورة
العسكرية الضخمة التي أجراها حزب الله في الجنوب، وتصب في السياق عينه حول إظهار الاستعداد
الكامل لأي مواجهة، وتثبيت معادلة المقاومة وشعارها الجديد: "سنعبر".
إلا أن الصورة الأبعد والتي يمكن أن
يبنى عليها، لا بد أن يصب في صالح الجيش اللبناني من ناحية الحزب. خصوصاً بالنظر إلى
"التلاحم" مع المقاومة ومع الناس في مشهد التصدي لأي اعتداءات أو تجاوزات
إسرائيلية. والمفارقة أن ذلك يأتي في لحظة المعركة الانتخابية، واعتبار الكثير من القوى
أن قائد الجيش هو أحد أبرز المرشحين للرئاسة، وهناك إمكانية للتوافق عليه في فترة لاحقة.
المشهد في تلال كفرشوبا، معطوفاً من
قبل على التفاهم الذي حصل بين رئيس مجلس النواب نبيه برّي وقائد الجيش جوزيف عون حول
الترقيات العسكرية، وتوقيع مراسيم ترقية ضباط دورة العام 1994، وهي ورقة أساسية وكبيرة
منحها بري لجوزيف عون.. لم يكن ليمنها لأحد غيره من قبل، خصوصاً أن وساطات كثيرة حصلت
في سبيل ذلك.
إشارة إلى باسيل!
يبقى الأهم في توقيت منح قائد الجيش
ورقة الترقيات من قبل رئيس المجلس، وما يتضمنه من إشارة واضحة إلى رئيس التيار الوطني
الحرّ جبران باسيل، الذي يتخذ موقفاً معارضاً وعنيفاً تجاه ترشيح قائد الجيش لرئاسة
الجمهورية. هذا الموقف، لا بد أن يتكامل مع مشهد استنفار الجيش في مواجهة العدو الإسرائيلي
قبل أيام في الجنوب، والذي من شأنه أن يعزز من التواصل والعلاقة بينه وبين الثنائي
الشيعي على وقع الانقسام العمودي القائم حيال الانتخابات الرئاسية.
فهل سيصب كل ذلك في صالح قائد الجيش،
أم أن التقارب والانسجام بينه وبين الثنائي سيقود باسيل إلى إعادة حساباته؟ لا سيما
أن أي توافق على قائد الجيش بإمكانه أن يكون واسعاً، نظراً لتأييد قوى متعارضة ومتعددة
له. وفي ذلك، سيكون باسيل وحيداً خارج هذا السرب.
المصدر: المدن.
الآراء الواردة في المقال تعبّر عن
رأي صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".