وائل نجم
أبرز ما جاء في كلمة رئيس الجمهورية ميشال عون قبيل انتهاء
العام 2021 واستقبالاً للعام 2022 والتي قال إنّه صارح فيها اللبنانيين كان إعلانه
العمل على توجيه الدعوة إلى حوار وطني على عناوين رئيسية اعتبرها الرئيس مدخلاً لحلّ
أزمات البلد، وأبرز تلك العناوين الاستراتيجية الدفاعية والانتقال إلى اعتماد اللامركزية
الإدارية والمالية الموسّعة كنظام سياسي في لبنان.
في الحقيقة لا يمكن لأي صاحب حسّ بالمسؤولية أن يرفض أية
دعوة للحوار من أجل إنقاذ البلد، خاصة في مثل الوضع الذي يمرّ به لبنان، فالحوار أفضل
مئة ألف مرّة من النزول إلى الشارع والتعبير بالعنف والقوة والفوضى عمّا يختلج الناس
وعن مآسيها. غير أنّ الحقيقة الأخرى هي أنّ أيّة دعوة للحوار يجب أن يترافق معها العوامل
المساعدة أو المسّهلة لنجاحها وتحقيق الغاية المنشودة منها.
في دعوة الحوار الأخيرة التي تحدّث عنها رئيس الجمهورية كان
من الواضح أنّها لا تحمل عوامل النجاح. كانت دعوة أشبه بملء الوقت الضائع أو التمهيد
لعمل ما يتخطّى الحوار لتكريس أمر واقع جديد في البلد بعد الحديث عن فشل الحوار أو
عدم تحقيقه لأيّة نتائج تذلّل العقبات أمام الحلول. يمعنى آخر كانت الدعوة تحمل في
طياتها عوامل الرفض والفشل.
فمن الدعوة إلى اعتماد استراتيجية دفاعية يعتبرها حزب الله
محاولة لاحتواء سلاحه الذي كان له الدور الفاعل والمؤثر ليس في لبنان في مواجهة العدوان
الصهيوني فحسب، بل في ساحات عربية أخرى، إلى الدعوة إلى اعتماد لامركزية مالية موسّعة
لم تأتِ وثيقة الوفاق الوطني عليها مطلقاً إنّما تحدثت عن لامركزية إدارية، مع ما يعنيه
ذلك بالنسبة للمتمسكين بوحدة لبنان ونهائيته ككيان يجمع كل أبنائه ومخاطر دعوة اللامركزية
المالية الموسّعة على وحدة البلد بحيث يمكن أن تتحوّل في لحظة ما إلى سبب باعتماد الفدرلة
وتالياً التقسيم. إنّ هذين العنوانين كفيلان بإفشال أيّ حوار، خاصة وأنّ الولوج في
حوار من هذا القبيل يعني إنتاج نظام سياسي جديد في ظل انعدام التوازنات داخل البلد،
وهذا بدوره يعني إنتاج الأزمة عند كل منعطف يشعر فيه أيّ فريق بفائض قوّة، لأنّ إدارة
حوار في ظل انعدام التوازنات سيعني فرض إرادة الأقوى، وهذا سيفتح الباب عند التغيير
الدائم والأزمات المستمرة كلّما شعر فريق أو طرف داخلي بفائض قوّة.
لقد رفضت بعض الشخصيات والكتل النيابية التي دُعيت إلى الحوار
المشاركة فيه في ربع الساعة الأخير من عمر العهد، واعتبرت ذلك محاولة لملء الفراغ وتبرئة
العهد من مسؤولية الأزمة التي بلغها لبنان على المستويات كافة، في وقت أحوج ما يحتاجه
لبنان الخروج من منطق المحاصصة التي اعتمدها الفريق الداعم بشكل رئيسي للرئيس، وتسهيل
عمل المؤسسات ومن بينها بشكل رئيسي الحكومة، وعدم إخضاعها لمنطق المحاصصة الذي يتربص
أول لجلسة لفرض بعض التعيينات التي يضع بعض المسؤولين العين عليها.
أخطر ما في اليوم الذي سيلي الحوار أو الدعوة إليه أنّ البعض
قد يتخذ في لحظة من لحظات انكماش البلد فشل الحوار أو فشل انعقاد الطاولة ذريعة للجوء
إلى أساليب أخرى وإلى فوضى عارمة في الشارع تخلط كل الأوراق وتعيد بناء المشهد في البلد
انطلاقاً من قواعد جديدة ليست قائمة في الوقت الحالي.