صلاح سلام
لم يكد حبر كلام زعيم المختارة وليد
جنبلاط، في وصف إجتماعات دول اللقاء الخماسي من نوع «اللعب مع لبنان»، حتى دوت زخة
رصاصات صاخبة على مبنى السفارة الأميركية في عوكر، إخترقت ما تبقّى من خيوط العلاقة
المضطربة بين لبنان والولايات المتحدة الأميركية.
بغض النظر عن الجهة المنفذة لهذه العملية، فقد بدا واضحاً أن ثمة من يستغل حالة التسيّب الراهنة
في البلد، كاشفاً واقعاً مريراً لا بد من الإعتراف بخطورته: لبنان عاد صندوقة بريد
للدول الإقليمية والدولية المتصارعة في المنطقة، وأضحى ، مرة أخرى، ساحة لتصفية الحسابات
الخارجية، على حساب أمنه وإستقراره المهزوزين أصلاً في زمن الإنقسامات والإنهيارات.
لا تكفي مواقف الإدانة وتصريحات الإستنكار
من المسؤولين والسياسيين، والتهافت على الإتصال
بالسفيرة الأميركية دوروثي شيّا، لإبلاغها الرفض الرسمي والحزبي لهذه العملية الخرقاء،
التي تُلحق بالوطن الغارق في أزماته أشد الأضرار، وتؤدي إلى تخريب علاقات لبنان بالأصدقاء
الكبار، بعد الإقدام على توتير العلاقات مع كبار الأشقاء العرب، وفي مقدمتهم السعودية
ودول مجلس التعاون الخليجي، وتهديد المصالح اللبنانية الإستراتيجية والحيوية، خدمة
لأجندات ومناورات خارجية، لا علاقة للبنان بها ، لا من قريب ولا من بعيد.
المطلوب من الأجهزة الأمنية المعنية،
والمشهود بكفاءتها في تحقيق العديد من الإنجازات، في هذه الظروف الصعبة، أن تتحرك بسرعة
لكشف الفاعل والمخطط، وفضح الجهات المحرّضة، حفاظاً على البقية الباقية من الثقة الخارجية
بالوضع اللبناني، الذي دخل مرحلة العناية الحرجة في الفترة الأخيرة، على مختلف المستويات
المالية والنقدية والإجتماعية والمعيشية، والتي يُضاف إليها اليوم المستوى الأمني،
لأن أخشى ما نخشاه أن يكون الإعتداء على السفارة الأميركية بداية لحالة من الإضطراب
الأمني المبرمج، بعد فشل محاولات الخروج من دوامة الشغور الرئاسي، وإنتشار سرطان الإهتراء
في مفاصل الدولة المتهاوية.
الرسالة النارية التي أصابت السفارة
الأميركية أحرقت مقولة أن الأمن ممسوك في البلد، وأطلقت تحذيراً بالغ الخطورة بأن البلد
بات على صفيح ساخن قابل للإنفجار عند إندلاع
الشرارة الأولى.
المصدر: اللواء.
الآراء الواردة في المقال تعبّر عن
رأي صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".