روسيا – أوكرانيا الكارثة مستمرة: أين الدول القادرة على إنهاء الحرب
شباط 23, 2023

محمد موسى

عام كامل على بداية الحرب الروسية الأوكرانية او الحرب الكونية المصغرة بفعل امتداد ازماتها و تنقلها في ارجاء المعمورة في زمن التصعيد القادم من الجميع فالكل يدرك ان زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن الى كييف ثم الى واسو باتت تمهيد لمرحلة قادمة عنوانها امداد أوكرانيا بكل ما يلزم لمواصلة القتال و عليه التصعيد الغربي مستمر كلاميا" واعلاميا و نوعيا" و تسليحا" فبعد الدبابات الثقيلة ( ليو بارد – ابرامز)، بدء الحديث عن سلاح نوعي و سلاح جوي و لا احد يعلم ما هي مفاجأة الناتو الجديدة فبقدر توسع المدى الزمني للحرب و ازدياد نوعية التقديمات الفنية والمالية والاهم العسكرية ستأخذ الحرب مداها.

وعلى المقلب الاخر ومنذ بداية الحرب كان واضحا" ان الروس لم يدخلوا الحرب ليخسروها ويكفي العودة الى كلام الرئيس السابق ديمتري ميدفيديف ليتيقن المرء ان روسيا ستقاتل اما للنصر او للوصول الى تسوية على قياسها مهما بلغ التصعيد الغربي وحتى لو أدى الى الوصول الى استعمال النووي المعدل على قياس الضربات عسكريا" انطلاقا" من فكرة لن تخسر دولة نووية الحرب؟!!!! و بالرغم من قساوة العقوبات المتوالية على روسيا الا انها بقت تجابه الغرب بفعل مرونة الاقتصاد الروسي و قدرة المتحكمين به من اداراته في زمن الحرب بالطريقة الاستدراكية المتفاعلة مع العقوبات و قلة سطوة العقوبات من النفاذ الى ما يضرب الروس في الصميم لجملة أمور ليس اقلها ان ما من عقوبة على روسيا الا و شملت ليس فقط الاقتصاد الأوروبي بل الاقتصاد العالمي برمته و لا ادل من الازمات المتنقلة من التضخم الى الجوع والفقر و تباطؤ الاقتصادات ونسب النمو وحالة عدم اليقين بمعظم الأسواق ومن ينصت لكلام مديرة صندوق النقد يدرك فداحة الخسائر العالمية.

أن الواقع يؤكد ان بعض البلدان تأثرت بشدة وتواجه صعوبات اقتصادية كبيرة منذ بداية الحرب الروسية- أوكرانية، في مقابل الدول الطاقية، التي استفادت من ارتفاع أسعار الغاز، وحققت انتعاشا اقتصاديا وتحسنا في أوضاعها المالية، مما يزيد من قدرتها على الصمود في مواجهة التحديات الطارئة وقد تجلى ذلك من خلال ارتفاع أسعار الغاز والبترول ومعها المواد الغذائية، مما أدى إلى تسجيل مستويات تضخم استثنائية في العديد من الدول وتراجعا في القدرة الشرائية لمواطني هذه الدول، في ظل تراجع الأجور والمدخرات، ومعها ارتفاعا في نسب البطالة والفقر.

ويكفي التذكير ان الحديث يدور حول خسائر الاقتصاد الاوكراني 40 % من قوته وأكثر وتفاقم مشكل البطالة والطاقة وعدم الانتظام ناهيك عن مئات المليارات للعودة الى مكان قبل الحرب، اما الاقتصاد الروسي فالخسائر تتحدث عما يقارب 83 مليار ولكنه لا زال قادرا" على التكيف وهنا يشهد للبنك للمركزي الروسي بحسن الأداء. اما خسائر العالم فقد فاقت 1،6 تريليون دولار حتى الساعة ولا تزال الحرب قائمة وبأن الأوروبيين تكلفوا ما يفوق تريليون دولار لدعم الطاقة ومشتقاتها وان المانيا تتحدث عن 107 مليار دولار خسائر مباشرة، اما في المقلب الاخر فالحرب توقع140 مليون شخص الى الفقر المدقع وتزيد الجوعى اللذين تتزايد ارقامهم يوما بعد يوم الى حدود 800 مليون وأكثر ولا يزال التضخم يأكل الأخضر واليابس في الدول الناشئة الواقعة على فيلق الزلزال المستمر باستمرار الحرب.

اما في المنطقة العربية فالارتفاع الكبير في تكاليف إنتاج الطاقة التي صاحبها ارتفاع أسعار الغذاء، وتضاعف معدل التضخم في المنطقة خلال العام الماضي ليبلغ 14 بالمئة بالمتوسط وفي بعض الدول ناهز ما يفوق 1000% كلبنان، وتفيد توقعات صندوق النقد الدولي، أن استمرار ارتفاع التضخم سيبطئ نمو اقتصادات المنطقة خلال العام الجاري وعليه أن تواصل ارتفاع معدلات التضخم، سيؤدي أيضا إلى استمرار ارتفاع أسعار السلع الأولية ونقص الغذاء، ومعه بروز تحديات انعدام الأمن الغذائي واضطرابات اجتماعية (كلمة كريستينا جورجيفا –دبي).

أن معظم اقتصادات الدول العربية هي ذات نمو ضعيف ومديونية كبيرة وتعرف مستويات بطالة عالية، بالتالي يبقى من الصعب أن تعالج هذه الاختلالات بين عشية وضحاها وتاليا" لا حلول الا عبر إدخال إصلاحات هيكلية وعميقة على بنياتها الاقتصادية، من خلال مواجهة مشاكلها المالية والإدارية من خلال تحسين مناخ الأعمال والدفع أكثر نحو جلب الاستثمارات الخارجية والسعي نحو الاستثمار الفعال في الطاقات البديلة والخضراء وهنا لابد من التأكيد ان مخرجات قمم المناخ هي الأخرى تعاني التأخير في التنفيذ بسبب بقاء الصراع قائما".

اعتقد برغم دقة الظروف وتعقيداتها وحلكة المعطيات وبرغم عدم وجود أرضية صلبة لإنهاء الحرب، بل الأرجح ظروف تصعيدها بعد عام على انطلاقتها، لابد من إعادة قراءة المشهد الاقتصادي الحالك الاتي بفعل استمرار الحرب وعليه لابد للاعبين الكبار من الوصول الى حلول توقف الحرب، وهنا لابد من الإشارة الى دول تستطيع الدخول عبر علاقتها المتشابكة مع المتصارعين الى المشهد من البوابة السلمية عبر جملة مبادرات آن لها ان تأتي لاسيما من الصين او تركيا او المملكة العربية السعودية. بعد عام كامل على الحرب بكل مأساتها المختلفة، الإنسانية والاقتصادية والمالية المستمرة والمتفاقمة، اما ان للأمم المتحدة من دور افعل؟ اما ان لدول الحياد والتوازن ان تتحرك؟ اليس في العالم من رجل رشيد؟