محمد موسى
على وقع نتائج
اقتصاديات العالم في نهاية عام 2022 و التوقعات الاقتصادية للعام 2023 و افاق الاقتصاد
العالمي المتراقص على حافة الهاوية بفعل جملة عوامل تراكمية بدأت ما قبل كوفيد 19 واستمرت
معه و تفاقمت مع تباطؤ الاقتصاديات الكبرى و استفحلت مع الحرب الروسية الأوكرانية لتلقي
بظلالها على الكوكب المريض أصلا بجملة امراض اقتصادية بنيوية و امراض بيئية في مشاكل
عالمية اخذة بالاستعصاء بغياب الحلول الأساسية و على راسها التمويل و الاعتراف بحجم
الكوارث المصاحبة في سلة الغذاء و الامدادات الغذائية في زمن مئات ملايين الجوعى حول
العالم والنفطية والحديث يطول في هذا المضمار.
ومن جملة الاعتبارات
المنعكسة تأثيرا" على الاقتصاد العالمي العقوبات و سياساتها المتلاحقة بين الغرب
و الولايات المتحدة من جهة وروسيا من جهة أخرى و ما خلفته من شرخ في العلاقات الدولية
فبعد الجولة الحادية عشر من العقوبات القادمة من الغرب لازالت موسكو ترد على طريقتها
تارة بالعقوبات المتوازية وتارة بفرض الروبل و تارة بلعبة الوقود الاحفوري الذي غدا
سلاح فتاك في لعبة الأمم و طورا" بصيغة لائحة الحلفاء و لائحة سوداء للتوريدات
ولكن المؤكد في كل ما يجري انه لا احد يخوض المعارك لخوضها فقط انما هي طريق لبسط سجاد
المعطيات العسكرية الجديدة و إيجاد اليات التفاوض تحت ازيز المدافع و الرصاص للوصول
الى الحلول المرضية للجميع و الذي باتت اليوم غاية لا تدرك بسهولة.
ان الناظر
في كلام السيدة رئيسة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغيفا، بإن عام 2023 سيكون
صعبا على معظم الاقتصاد العالمي، وفي الوقت الذي تعاني فيه معظم المحركات الرئيسية
للنمو العالمي، وهي الولايات المتحدة وأوروبا والصين، من ضعف نشاطها الاقتصادي وعليه
من الواضح ان اللعب بين الكبار في السياسة والاقتصاد جعل العالم على فوهة بركان والنتائج
برهان للجميع:
لقد تحدث صندوق
النقد الدولي عن تخفيض توقعاته لنمو الاقتصاد
العالمي خلال 2023، في أكتوبر المنصرم، بمقدار 0.2 نقطة مئوية إلى 2.7 بالمئة، مقابل
توقعات سابقة في يوليو الماضي بنمو الاقتصاد العالمي خلال 2023 بنسبة 2.9 بالمئة ويبدو
ان الامر سيبقى في اطار التقييم المتباطئ لقادم الأيام حيث الحديث أن يشهد العام ركودًا
اقتصاديًا سيشعر به ملايين الأشخاص حول العالم وعلى الأرجح سيبقى الركود عنوانا"
للمرحلة المقبلة معتمدا" حتى الساعة على سياسات التشدد المالي و لكن الى متى و
هل ندخل في موجة ركود تضخمية ان لم تتدارك الحلول السياسية الماسي الاقتصادية.
اما على المقلب
الاقتصادي المالي الأميركي فلا يزال الرئيس بايدن و ادارته الديمقراطية تحت رحمة رفض
الجمهوريين بالموافقة على زيادة سقف الاقتراض بتعطيل أكبر اقتصاد في العالم، ما قد
يدفع الولايات المتحدة إلى التخلف عن السداد وللتذكير فقد قالت وزيرة الخزانة الاميركية،
جانيت يلين، إن الحكومة تقترب فعليا من الحد القانوني المسموح به للاقتراض والبالغ
31.4 تريليون دولار، وعند هذه النقطة سوف يتم اللجوء إلى مناورات محاسبية لتجنب التخلف
عن السداد بشكل مؤقت وعليه نرى أنه حتى مع
هذه المناورات المحاسبية والمالية ستجد الحكومة الاميركية نفسها في غضون أشهر قليلة قادمة عند حافة الهاوية المالية، وعلى الأرجح في
شهر يونيو/ حزيران 2023 تقريبا و هنا نسأل الم تشكل مصائب كوفيد و الحرب الدولية القائمة
الشعرة التي قسمت ظهر البعير بالإنفاق الأميركي الهائل في السنوات الأربع الأخيرة؟!!!
اما وجب البحث عن طريق التسويات؟!!!
والى الاقتصاد
الروسي المتفاعل مع العقوبات وصيرورتها من الإجراءات الاقتصادية والمالية بداية الحرب
والتي باتت تقارب عامها الأول فحتى الان يبدو الاقتصاد الروسي صامدا" وان بكثير
من الإخفاقات على عدة مستويات الا ان تماسكه جليا" بحكمة المركزي الروسي وحسن
إدارة المرحلة وان بسياسات إنعاش العملة وقوة الموقع الروسي الاقتصادي في عالم الماد
الولية الأساسية من قمع واسمدة والوقود الاحفوري مما ساهم بتجاوز روسيا بالمعنى الاقتصادي
الكثير من المطبات الغربية العقابية. ولا ادل على ذلك ما أعلنته موسكو مؤخرا"
حيث قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الثلاثاء، إن اقتصاد بلاده انكمش بنسبة 2.5
بالمئة على الأرجح خلال عام 2022، لكن أداءه كان أفضل مما توقعه معظم الخبراء، وتابع:
"اتضح أن النشاط الفعلي أفضل مما توقعه الخبراء. وبحسب وزارة التنمية الاقتصادية،
فإن الناتج المحلي الإجمالي في روسيا.
علما"
(ان الكثير من توقعات الخبراء تحدثت عن انخفاض قدره 10 بالمئة و15 بالمئة أو حتى
20 بالمئة. بالنسبة للعام بأكمله، من المتوقع أ انخفض بين يناير ونوفمبر 2022، ولكن
بنسبة 2.1 بالمئة فقط)؟!!!!. وعليه وبحسب الكثير من التوقعات سيكون الاقتصاد الروسي
تحت تأثير انكماش قريب ما بين 2 الى 4 بالمئة بالمتوسط في العالم 2023.
والى الاقتصاد
الأوروبي حيث سيطر التوتر على الوضع المعيشي للأوروبيين، بعد أن دهم اقتصاد الحرب مختلف
نواحي حياتهم، ليشعل التضخم وأزمة الطاقة فتيلَ الاحتجاجات الشعبية في أكثر من دولة
أوروبية، وما المظاهرات المتنقلة في فرنسا وسواها الى بداية على ما خلفته الحرب التي
آن لها ان تتوقف من أزمات انعكست في كل القطاعات الحيوية من جهة وحياة المواطن الأوروبي
من جهة اخرى.
امام كل هذه
الكوارث الاقتصادية وانعكاساتها على المواطن في كل العالم بلا استثناء نسأل: الم يحن
وقت التسويات الكبرى؟ اين الأمم المتحدة واين سعاة الخير القادرين من التواصل مع الأطراف
كافة ان بفعل التأثيرات الجيوسياسية او بفعل القرب الاقتصادي كتركيا والمملكة العربية
السعودية؟ وعليه لما تبقى الصين في دور المتفرج والى متى وماذا عن بحر الصين وازماته؟؟
ان المنطق الحقيقي يقول انه امام هذه النتائج والتوقعات الاقتصادية لابد من فتح باب
التسوية السلمية..... وإلا فالقادم مر على الجميع.