د.
وائل نجم
مفاجئاً
ومدوّياً وصاعقاً الهجوم الذي نفّذته المقاومة الفلسطينية فجر يوم السبت الماضي على
مواقع الاحتلال الإسرائيلي ومستوطناته في منطقة غلاف غزّة حيث تمّ تحرير مساحات واسعة
من الأراضي، وأسر المئات من جنود وقوات الاحتلال، وقتل المئات منهم، فضلاً عن إظهار
حجم الإذلال الذي مارسته المقاومة على "الجيش" الإسرائيلي الذي كان يوصف
أنّه لا يُقهر، وقد صدم هذا المشهد كيان الاحتلال الإسرائيلي على مستوى القيادة والحكومة
والمستوطنين حتى جُنّ جنون هذا الكيان فزاد من حجم جرائمه ولجأ إلى سياسة الأرض المحروقة
دونما اعتبار لأي شيء فقطع عن قطاع غزة المياه والكهرباء وإمدادات الدواء وكل المواد
الانسانية، وشنّ غارات همجية استهدفت السكان المدنيين في القطاع فضلاً عن رفض إدخال
أيّة مساعدات إنسانية إلى غزة في محاولة لحرق الأرض بشكل كامل ومسح قطاع ومدينة غزة
عن الخريطة مدعوماً وللأسف بدعم من دول كثيرة وكبيرة في العالم بدءاً من الولايات المتحدة
الأمريكية مروراً بأغلب الدول الأوروبية من دون اعتبار من هذه الدول لحجم المعاناة
الإنسانية التي عاشها ويعيشها الشعب الفلسطيني على مدار عقود من الزمن.
لقد
أثبتت معركة طوفان الأقصى هشاشة الكيان الإسرائيلي وضعفه، وأثبت الشعب الفلسطيني ومقاومته
أنّهم قادرون على تحرير فلسطين من هذا الاحتلال لولا الدعم الغربي المفتوح، ولولا التغطية
الغربية على جرائم هذا الاحتلال؛ كما أثبتت معركة طوفان الأقصى أنّ الكيان المحتل كيان
مجرم بكل ما تحمله الكلمة من معنى وأنّه لا يتورّع عن ارتكاب أيّة جريمة بحقّ أي مخلوق
من أجل تحقيق أهدافه في السيطرة والتوسّع وسرقة مقدرات البلاد والعباد، وأثبتت أيضاً
أنّ أغلب العالم الغربي لا يقلّ وحشية وجريمة عن هذا الكيان وقد سكت هذا العالم على
جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين على مدى عقود، وها هو اليوم يؤمّن الدعم
والتغطية لجرائم هذا الاحتلال، بل يشجّع ويموّل الاحتلال ويطلب منه القيام بجرائمه
التي باتت تنقل على الهواء مباشرة من غزّة المحاصرة منذ ما يقارب 18 عاماً.
والسؤال،
إذا كان هذا الكيان المجرم والغاصب والمحتل له بواكي تتداعى لنجدته ومساعدته على جرائمه
المتنوّعة، أفلا بواكي للشعب الفلسطيني المقهور والمظلوم والمغلوب على أمره؟ ألا من
ناصر يؤيّد وينصر هذا الشعب الذي ذاق أصناف المرارة على أيدي الاحتلال؟ ألا من ناصر
يقف إلى جانبه في ظل هذا التمادي بالجريمة من عالم لا يحترم ولا يقف إلاّ للأقوياء؟
وإذا
كان من "حقّ" هذا الكيان أن يحصل على النجدة والمساعدة من دول كبرى، وإذا
كان من "حقّ" هذه الدول الكبرى والمتجبّرة أن تساعد وتنجد هذا الكيان، أليس
من حق الشعب الفلسطيني أن يتلقّى الدعم والمساعدة ممن يشاركه المعاناة والمرارة والقهر
ذاته؟! أليس من حق الذين يعانون مما يعاني منه الشعب الفلسطيني أن يقفوا إلى جانبه
ويمدّوه بأسباب الصمود والقوّة؟! أليس من حقّ أبناء الشعب الفلسطيني في أصقاع العالم
أن يتحركوا من أجل نجدة ونصرة أهلهم وأبنائهم وإخوانهم في فلسطين؟! وهل هذا منطق العدل؟!
هل هذا هو منطق الأخوّة في الوطن والدين واللغة والتاريخ والتحدّيات؟!
كيف
يحقّ لدول كبرى أن تتداعى لتقديم الدعم المالي والعسكري والذخيرة القاتلة وتستقدم الأساطيل
لتغطية جريمة هذا الكيان المستمرة ولا يحقّ لأبناء فلسطين وأبناء الأمة معهم تقديم
الدعم المالي والصاروخي وبكل أنواعه في هذه المعركة الفاصلة التي يمكن أن تكون وجودية؟!
كيف يحق لتلك الدول أن تنتهك ما يُسمّى سيادات الدول غير آبهة بشيء ولا يحقّ للمظلوم
والمقهور أن يقدّم الدعم لإخوانه المقتولين الذين يُمارَس بحقّهم أبشع أنواع الإجرام
والقتل تحت عنوان الحفاظ على سيادات الدول وعدم التدخل في شؤون الآخرين؟! ألم تتدخّل
الدول الكبرى في العديد من البلدان خلال العقود الأخيرة وخاضت حروباً تحت عنوان الحقّ
الإنساني كما في أحداث شرق أوروبا في تسعينيات القرن العشرين وغيرها؟! فلماذا لا يحقّ
لغيرهم التدخّل نصرة للشعب الفلسطيني تحت عنوان الحقّ الإنساني؟!
أمّا
بالنسبة للخائفين من ردّات الفعل فآن لهم أن
يعرفوا ويدركوا أنّ ما يجري هو فصل من فصول كتابة السيطرة والهيمنة على المنطقة لعقود
إلى الأمام، ولو تمّ ذلك وفقاً لتخطيط الدول الداعمة للكيان المحتل فإنّ ذلك سيعني
أنّ هذا الكيان سيكون سيّد المنطقة وأنّنا جميعاً لن نكون بنظره سوى حيوانات بشرية
وفقاً لما نطق به وزير حربه خلال الأيام الأخيرة ولكم أن تتخيّلوا كيف سيتعامل مع هذه
"الحيوانات"!.
الآراء الواردة في المقال تعبّر عن صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز"