عن اغتيال الشيخ صالح العاروري
كانون الثاني 04, 2024

د. وائل نجم

لجأت حكومة الاحتلال الإسرائيلي إلى تنفيذ تهديدها باغتيال القيادي في حماس الشيخ صالح العاروري عبر غارة من طائرة لم تُعرف إذا ما كانت حربية أم مسيّرة، وفي عمق الضاحية الجنوبية لبيروت حيث استشهد مع عدد من إخوانه بشكل مباشر.

عملية الاغتيال لم تعترف بها حكومة الاحتلال بشكل صريح وواضح. ففي حين هنّأ سفير كيان الاحتلال في الأمم المتحدة الأجهزة الأمنية والعسكرية على ما وصفوه بالإنجاز، طلب رئيس حكومة الاحتلال من وزرائه عدم التعليق على الجريمة وتركها يتيمة، وهو ما فعله الشيء ذاته الناطق باسم الاحتلال في إيجازه الصحفي اليومي وفضّل الحديث عن العدوان على غزة. وهذا يعكس حجم الخوف والقلق الإسرائيلي من ردّة الفعل المنتظرة من المقاومة.

في لبنان اعتبر رئيس حكومة تصريف الأعمال الجريمة بأنّها انتهاك صارخ لسيادة لبنان، ووصف ما جرى بأنّه محاولة من القادة الإسرائيليين لتصدير فشلهم في غزة وتوريط لبنان في الحرب، محمّلاً كيان الاحتلال المسؤولية. وكذلك فعلت معظم القوى اللبنانية الرسمية وغير الرسمية.

وبالعودة إلى الشيخ صالح العاروري فهو من القيادات الفلسطينية الوطنية التي آمنت بالتحرير وعملت له منذ وقت مبكر. فهو قد اعتقل وسجن في معتقلات وسجون الاحتلال فترات متعددة بلغت تقريباً ما مجموعه ثمانية عشر عاماً، وقد خرج في إحدى صفقات تبادل الأسرى وأبعد إلى خارج فلسطين حيث يعيش في المنفى منذ أكثر من عقد من الزمن.

والشيخ صالح العاروري من القيادات البارزة في حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس ومن مؤسسي كتائب القسّام في الضفة الغربية حيث يعود مسقط رأس العاروري إلى هناك إلى محافظة الخليل. وهو رئيس حركة حماس في الضفة الغربية، ونائب رئيس المكتب السياسي لها أيضاً. وتتهمه حكومة كيان الاحتلال بالمسؤولية عن أعمال الانتفاضة والمقاومة في الضفة الغربية.

لقد أرادت قيادة الاحتلال من خلال تنفيذ جريمة الاغتيال بحق العاروري أن تخلط الأوراق، وتنتقم من حماس والمقاومة الفلسطينية، وتنتقل بعدوانها على غزة، بل على الشعب الفلسطيني إلى مربع آخر، وما ذلك إلاّ لفشلها في عدوانها على غزة، وتكبّدها الخسائر الفادحة في مواجهة المقاومة الفلسطينية، وهزيمتها هزيمة نكراء باتت واضحة للعالم أجمع، وعدمم تحقيقها أيّ إنجاز عسكري يُذكر في غزة. لكل ذك أرادت قيادة الاحتلال أن تحقّق صورة نصر تتباهى به أمام مستوطنيها ويعيد إلى جيشها وقواتها بعض البريق والأمل.

هي الحرب يتمكن فيها أطراف المواجهة من تحقيق ضربات مؤلمة لبعضهم البعض، وقد تمكّنت قوات الاحتلال من تسديد ضربة مؤلمة للمقاومة الفلسطينية، ولكنّها ليست ضربة قاضية، ولن تكون. المقاومة الفلسطينية تلقّت على مدى تاريخ الصراع مع الاحتلال ضربات موجعة أكثر من مرّة وكانت كلّة مرّة تخرج أكثر صلابة وقوّة من قبل، والشيخ صالح العاروري ربّى جيلاً من القادة والمقاومين الذين سيكملون الطريق ويمضون حتى تحرير فلسطين من دنس الاحتلال.

الآراء الواردة في المقال تعبّر عن رأي صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".