د. وائل نجم
أطلّ رئيس الجمهورية السابق، ميشال عون، على اللبنانيين بنصيحة
أو توصية ويا ليته لم يطلّ ولم يرهم وجهه أو يسمعهم صوته. فقد زار عون مقر التيار الوطني
الحرّ والتقى قيادات التيار وتوجّه أمام ولهم وعبرهم إلى اللبنانيين بالاعتراف أولاً
أنّ عهده خلّف 80% من اللبنانيين فقراء، بل تحت خط الفقر لا يجدون قوت يومهم ولا حبة
دوائهم ولا مدارسهم لأولادهم والقائمة تطول وتطول. ثمّ أوصى محازبي التيار بالاستمرار
على التوجّه والنهج ذاته الذي بدأه قبل ست سنوات كما لو أنّه يريد أن يجهز على البقية
المتبقيّة من اللبنانيين، أي على ألـ 20% التي نفدت من الفقر!
والأكثر إثارة للسخرية أنّه طالب اللبنانيين بالصبر والانتظار
3 إلى 4 سنوات من أجل أن يصلوا فيها إلى مرحلة يمكنهم فيها أن يتنفّسوا. ينتظروا أن
نصل إلى وقت يمكن فيها للبنان استخراج الغاز من حقل "قانا"، غير أنّه نسي
أو تناسى أنّ الاتفاق الذي وقّع عليه أعطى حقّ إطلاق صافرة البدء بالتنقيب عن الغاز
في "قانا" إلى "إسرائيل". وعودوا إلى نص الاتفاق إذا شئتم واكتشفوا
ذلك بأنفسكم. هذا إذا ما تجاهلنا أنّه وقّع على التخلّي عن حقوق لبنان في حقل
"كاريش" عند لتنازل عن الخط 29. فهل يضمن لنا فخامته أن نحصل على الغاز الذي
سنتنفّسه، بحسب وعده، بعد 3 أو 4 سنوات؟! وهذا
إذا تجاهلنا السؤال أساساً إذا بقيت لنا القدرة على الانتظار والصبر ثلاثة أو أربعة
أشهر وليس سنوات!!
هل أبقى فخامة الرئيس السابق للبنانيين قدرة على شيء؟! لقد
استلم البلد والدولار بـ ألف وخمسمئة ليرة، وفي اليوم الذي ترك فيه السلطة كان الدولار
يحلّق فوق الثلاثين ألف ليرة ومعه تحلّق الأسعار، ومعه تغيب الكهرباء التي وعدوا اللبنانيين
بها، ومعه لم يعد بمقدور اللبناني أن يقف على باب المستشفى لا أن يدخلها!.
هل يعلم فخامة الرئيس السابق أنّ اللبناني خسر 90% من قيمة
راتبه ومن قدرته الشرائية وأصبح بلا حيل وحول ولا قوّة؟! وكلّ ذلك بسبب النهج والتوجّه
الذي سلكه ودمّر به البلاد والعباد، ثم يأتي مرّة جديدة ليطلب منّ محازبيه الاستمرار
على هذا النهج؟!
يا صاحب الفخامة التي تعيشها دون أن تأبه لمعاناة اللبنانيين
حتى من أبناء التيار الوطني وفيهم وبينهم مخلصون ومحبّون لوطنهم كثر. يا صاحب الفخامة،
اللبناني لم يعد له قدرة وإمكانية على الانتظار حتى لأيام وليس لسنوات. اللبناني بات
يعيش كلّ يوم بيومه. كثيرون هجروا لبنان هذا البلد الجميل بعد أن كفروا به وفقدوا الأمل
بخلاصه وبالطبقة الحاكمة التي أوصلته إلى هذا الدرك.
وعلى سيرة الطبقة الحاكمة فقد لفت في كلام الرئيس السابق
دعوة أنصاره إلى تخليص لبنان من الطبقة الحاكمة، وكأنّه لم يكن منها يوماً، ولم يعد
فيها اليوم!! أنت يا فخامة الرئيس كنت رأس الطبقة الحاكمة. هل نسيت أنّك كنت رئيس الجمهورية؟!
وكنت تحرص كلّ الحرص على حضور كل جلسات مجلس الوزراء وتشارك في كل القرارات؟! هل نسيت
أنّ فريقك عطّل الكثير من المشاريع التي كان يمكن أن تحصل على قاعدة "بدّي حصّتي"
وليس على أيّة قاعدة أخرى؟!
النصيحة الحقيقية التي كان يمكن لرئيس الجمهورية أن يسديها
إلى التيار وإلى مناصريه أن يتوقفوا عن نهج التعطيل سواء لجلسات انتخاب رئيس جمهورية
جديد، أو لجلسات حكومة تصريف الأعمال الطارئة والاضطرارية التي تتصل بمصالح اللبنانيين،
وأن يمارسوا الشراكة السياسية الحقيقية، وهذا حقّهم، انطلاقاً من قواعد وطنية عامة
تجمع ولا تفرّق، تخدم الناس ولا تحرمهم من حقوقهم، تبني الدولة الحقيقية بمؤسساتها
الضامنة للجميع لا المصالح الفئوية الخاصة التي أطاحت بهم قبل أن تلحق الضرر بمنافسيهم
أو خصومهم يوماً. لبنان بحاجة إلى إصلاح وتغيير النهج الذي بدأتم به إلى نهج أكثر انفتاحاً
واعتدالاً يكون الضمانة الحقيقية للإصلاح والتغيير الحقيقي.
الآراء الواردة في المقال تعبّر عن صاحبها ولا تعبّر عن
"آفاق نيوز".