عن بيان اللقاء الخماسي في الدوحة حول لبنان
تموز 27, 2023

د. وائل نجم

منذ بضعة أيام عقدت الدول التي تصنّف نفسها صديقة للبنان ويعنيها أمره وتحاول العمل على تقريب وجهات النظر اللبنانية من بعضها بهدف الوصول إلى حلول تمكّن من إجراء الاستحقاق الرئاسي على اعتباره مفتاحاً لكافة الأزمات الأخرى، عقدت هذه الدول وهي الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية ومصر وفرنسا وقطر لقاءً على مستوى مندوبي هذه الدول ناقشت خلاله الوضع اللبناني حصراً، ورأت بحسب بيان أصدرته أنّ مفتاح الأزمة هو بانتخاب رئيس جديد، ودعت القيادات اللبنانية إلى الإسراع بانتخاب رئيس وفق الأطر الدستورية المعمول بها، والشروع في إصلاحات اقتصادية وسياسية وصولاً إلى استقرار البلد وفتح الطريق أمام الحصول على المساعدات المالية التي يحتاجها لبنان، سيّما من صندوق النقد الدولي، وفي مقابل ذلك لوّحت الدول الخمس بحسب بيانها باضطرارها إلى اتخاذ إجراءات عقابية بحق معرقلي الانتخاب، غير أنّها لم تسمّ أولئك المعرقلون حتى أنّها لم تشر إليهم مجرد إشارة، واكتفت بعد ذلك بالبيان.

السؤال الآن : هل سيدفع هذا البيان وهذا الموقف التحذيري المعرقلين، وبالمناسبة كل فريق يتهم الفريق المقابل بعرقلة الانتخاب، إلى تسهيل الانتخاب وتالياً وضع البلد على سكّة الحلّ؟

من الواضح حتى الآن أنّ كل طرف من الأطراف ما زال يتمسّك بموقفه من الاستحقاق الرئاسي، وقد كان آخر المواقف الواضحة والبارزة موقف رئيس المجلس النيابي نبيه برّي الذي حذّر من مصيبة كبرى بحق البلد إذا لم يصار إلى انتخاب رئيس قبل نهاية العام، وفي موازاة ذلك ظلّ متمسّكاً بمرشحه للرئاسة سليمان فرنجية. وكذلك فعل حزب الله في كل مواقفه التي أطلقها على لسان قادته ومسؤوليه في الاحتفالات التي ينظّمها لمناسبة عاشوراء مشدّداً ورافضاً بشكل جازم أي تدخّل خارجي بالاستحقاق الرئاسي في إشارة واضحة إلى عدم رضاه عن بيان الدوحة الأخير.

في مقابل هذه المواقف ظلّ الفريق الآخر الذي تقاطع على ترشيح وانتخاب الوزير السابق جهاد أزعور على مواقفه أيضاً، ورفض فكرة الرئيس المنتمي إلى محور من المحاور معتبرين أنّ سليمان فرنجية ينتمي إلى محور وليس وسطياً بخلاف جهاد أزعور الذي يمثّل خطّاً وسطياً في البلد.

وأمام هذه المواقف بات المرء حائراً من الذي يعطّل الاستحقاق الرئاسي؟! وبالتالي على من ستفرض الإجراءات العقابية التي ستأخذها الدول الخمسة أو بعضها؟!

قبل نهاية الشهر الجاري من المفترض أن يكون قد وصل إلى لبنان مبعوث الرئيس الفرنسي، جان إيف لودريان، حاملاً معه مقترحات معيّنة لحلّ الأزمة، خاصة وأنّه كان قد أتى في وقت سابق واستمع بحسب إفادته إلى وجهات نظر ومواقف القوى اللبنانية. وقد تردّد في بيروت أنّ المبعوث الفرنسي الذي كانت بلاده تسوّق للمرشح سليمان فرنجية تراجع خطوة إلى الوراء أمام الإصرار الأمريكي والسعودي بحسب ما أفادت الكثير من المصادر التي تابعت اللقاء الخماسي، ومن المعروف أنّ فرنسا لا تملك قوة تأثير في لبنان كما تملك كلّ من الولايات المتحدة والسعودية، وبالتالي فقد اضطرت باريس إلى التراجع عن تبنّي خيار انتخاب فرنجية لصالح مرشح ثالث لم يبرز اسمه بعد، فهل يأتي لودريان باسم المرشح الثالث أم يأتي بقائمة عقوبات تطال معرقلي الانتخاب؟

من الواضح أنّ القوى المؤثّرة بالاستحقاق الرئاسي، وبغض النظر عن كل ما يُقال، هي قوى إقليمية دولية أكثر مما هي قوى محلية، وأنّ إنجاز الاستحقاق لن يأتي إذا لم يتم أخذ مصالح كافة القوى المؤثّرة بغض النظر قبل ذلك الداخل أو الخارج أم لم يقبل، وهنا نتحدث عن إيران التي لها مصالح ولديها ملفات وتبحث عن رعاة لمفاوضاتها حول الملف النووي وغيره من الملفات، وأغلب الظنّ أنّ انجاز الاستحقاق الرئاسي سينظر حتى إيجاد حلول لكل هذه الملفات، وأمّا الحديث عن عقوبات فهي لا تطال إلاّ المواطنين الفقراء والبسطاء، ويجب أن يدرك ذلك من يريد أن يتخذها حتى لا يلحق بهم المزيد من الأذى تحت عنوان مساعدتهم للخروج من أزمتهم.