عماد مرمل
منذ الساعة التي جرى فيها الإعلان عن ولادة الاتفاق السعودي
- الإيراني برعاية صينية، ولبنان غارق في كَمّ كبير من الاستنتاجات المتضاربة في شأن
طبيعة الانعكاسات المحتملة لهذا الاتفاق على البلد عموماً والاستحقاق الرئاسي خصوصاً.
على الفور،
انقسمت القراءات الداخلية بين مَن جزمَ بأنّ تفاهم الرياض وطهران سيفيد رئيس تيار المردة
سليمان فرنجية في معركته الرئاسية وسيُقصّر المسافة التي تفصله عن قصر بعبدا، ومن حَسَم
بأنّ العكس هو الصحيح وبأن أسهم الرجل انخفضت بعد التطور الاقليمي النوعي.
وليس خافياً أنّ العواطف السياسية المسبقة تؤثر في تحديد
وجهة بعض الآراء، بحيث ان خصوم فرنجية بادروا تلقائياً وقبل أن يجفّ حبر الاتفاق الى
تفسير مفاعيله وفق ما يناسب مصالحهم وأمنياتهم.
وهناك ضمن هؤلاء من يستند في مقاربته إلى أنّ مفهوم التسوية
المتوازنة الذي سمح بترميم العلاقات الإيرانية - السعودية، لا يتحمّل في ترجمته اللبنانية
أسماء «نافرة»، بل أنه سيدفع في اتجاه الذهاب نحو اسم خارج الاصطفافات السياسية المباشرة.
لكنّ أوساطاً مطلعة في فريق 8 آذار تعتبر أنّ الموضوعية،
لا العواطف، تُبيّن ان التفاهم السعودي - الإيراني سيعزّز فرص وصول فرنجية إلى قصر
بعبدا ولا يضعفها.
وتنطلق الأوساط في حساباتها من أنّ إيران المحاصرة هي الرابحة
استراتيجياً من الاتفاق الذي ينطوي على اعتراف بدورها ويعكس انفتاحاً عليها، «ما يكرّس
الاستنتاج الذي يفيد بأنّ محور طهران وحلفاءها مرتاح لوضعه في المنطقة».
وتلفت الأوساط
إلى أن «حزب الله» ليس الطرف الذي سيدفع محليّاً فاتورة الاتفاق، لأنه سبق له أن «سَلّف»
الآخرين بتعاونه في إنجاز الترسيم البحري «وبالتالي فقد حان الوقت الآن لـ»يقبض» في
الملف الرئاسي، لا العكس».
وتشدد الأوساط على أنّ طهران تحترم كثيراً دور «حزب الله»
ومكانته في لبنان، وهي لن تكون في وارد فرض أي خيار رئاسي عليه، «خصوصاً أنها كانت
ولا تزال تؤكد في أدبياتها السياسية وكواليسها الدبلوماسية أنّ الحزب هو المقرر في
الشأن اللبناني انطلاقاً من أنّ أهل مكة أدرى بشعابها».
ووفق الأوساط
إيّاها، لا يمكن للحزب أن يقبل بأن يحمل كلّاً من رئيسي الجمهورية والحكومة لوناً مشتقاً
من نسيج المحور الآخر بمعزل عما إذا كان هذا اللون فاقعا أو غامقا، «ولذا لا بد في
نهاية المطاف من أن تكون معادلة الحكم في المرحلة المقبلة متوازنة».
وضمن سياق متصل، تكشف الأوساط انّ مرشحاً زار الضاحية الجنوبية
أخيراً سمع من الحزب ما فحواه: «مع تقديرنا لك، إلاّ أنّ المطلوب رئيس لديه أكتاف»،
وذلك في إشارة ضمنية الى فرنجية.
وتشير الأوساط البارزة في 8 آذار الى انّ هاجس السعودية الأساسي
يكمن في إنهاء الكابوس اليمني الذي يؤرقها ويستنزف طموحاتها الاقتصادية العريضة، «بينما
الملف اللبناني هو تفصيل بالنسبة إليها، والأرجح أنها ستُبدي بعد التقارب مع إيران
انفتاحاً على تسوية ما، تراعي الحد الأدنى من مصالحها وتحفظ كذلك ماء وجه حلفائها اللبنانيين».
ووفق الأوساط، ربما يؤدي التقارب الاقليمي المُستجد إلى إعادة
خلط قواعد اللعبة الانتخابية، «أي انّ انتخاب فرنجية إمّا ان يتم بتوافق واسع وإمّا
لا يتم».
وترجّح الأوساط أن تنتقل الرياض من حالة الموقف السلبي حيال
خيار فرنجية إلى موقع المستعد للبحث في إمكان عدم ممانعة انتخابه، وإنما بشروط معينة،
«علماً أنّ السعودية لم تجاهر بعد بوضع فيتو صريح على اسم فرنجية وكل ما يتم تداوله
في هذا الإطار ينبع من التسريبات والاجتهادات في فك ألغاز تغريدات وإيماءات السفير
وليد البخاري».
وتبعاً للأوساط نفسها، لا يجب توقع تسييل فوري للاتفاق السعودي
الايراني في لبنان، «إذ انّ هندسة التحولات المفترضة في الخيارات الرئاسية ستستغرق
بعض الوقت، خصوصاً أنّ هناك تعقيدات محلية الصنع تحتاج إلى حلحلة، وأهمية الاتفاق أنه
سيؤمّن بيئة استراتيجية لمعالجتها».
المصدر: الجمهورية.
الآراء الواردة في المقال تعبّر عن رأي صاحبها ولا تعبّر
عن "آفاق نيوز".