د. محمد موسى
الاحداث تتسارع في المعمورة واللقاءات الثنائية والقمم تلاحق بعضها بعضا"
ولكن في العقد الأخير بات للقمة الأميركية نكهة أخرى، نكهة جديدة عنوانها المزيج الفريد
من الصراع الظاهر الخفي، الواضح المبطن، المختلط فيه السياسي بالاقتصادي حتى ان البعض
أعاد الحديث عن الحرب الباردة وان كانت اقاليمها متعددة تبدأ من الصراع المالي التجاري
المفتوح منذ سنوات ترامب وسياسة العقوبات والضرائب اللا- عادلة وصولا" الى بايدن
وسياساته بين الضرب على الحافر يوما" وضرب على المسمار يوما" اخر.
من الواضح ان القمة تحمل ابعادا"
جمة وملفات جدية ولكن الجلي في هذه الفترة من العلاقات الصينية الأميركية هو منطلق
التعقل و التعاطي مع الملفات كل على حدى خاصة مع بروز السيدة جانيت يلين كعقل يدير
هذه العلاقة المتوترة أحيانا" الى حدود الخصومة ولكن ما يجمع العملاقين الاقتصاديين
اكبر بكثير مما يفرقهما رغم دسامة الملفات و تشعبها و لكن بوجود يلين هناك أرضية جاهزة
دائمة لضبط الخلاف خاصة في زمن تغير افاق العولمة والحديث عن عالم متعدد الأقطاب من
جهة وبروز تكتلات سياسية –اقتصادية باتت لديها القدرة ان تواز قطبية اميركا التي ما
عادت كما الماضي من جهة أخرى.
وعلى وقع لقاءات يلين الأخيرة مع نائب
الرئيس الصيني تنتظر القمة القادمة و ان كان ملف تايوان و ما يجري في بحر الصيني الجنوبي
ابرز التحديات الدائمة والعلاقات مع موسكو و ما يجري في أوكرانيا احد أوجه الاختلاف
و خطوط التجارة المتلاحقة من خط الحزام والطري (خط الحرير) الصيني الى خط التوابل الهندي
الا ان ثمة أمور إيجابية رئيسية يمكن استخلاصها من البيان الصادر عن وزارة الخزانة
الأميركية بشأن المحادثات الأخيرة، والتي جرت في الفترة من 9 إلى 10 نوفمبر/ تشرين
الثاني الجاري، في سان فرانسيسكو، قبل قمة زعماء دول منظمة التعاون الاقتصادي لآسيا
والمحيط الهادئ (أبيك)
الرسالة الأولى وهي التي سجلت السيدة
يلين فيها نقطة لصالحها بحيث تأكيد الجانبين، الأميركي والصيني، على "أهمية أن
يدير كلا البلدين بشكل مسؤول العلاقات الاقتصادية الثنائية، بما في ذلك الحفاظ على
قنوات اتصال مرنة وهنا جوهر ما يجري لضبط الخلاف. اما الايجابية الثانية فهي تأكيدهما
أيضاً على أنهما لا يسعيان إلى فصل اقتصادهما، وذلك في ضوء خطاب فك الارتباط الذي تم
الترويج إليه على نطاق واسع في الفترات الماضية بمعنى ضبط الإيقاع الاقتصادي على قاعدة
بقاءنا متحدين مختلفين على الرؤى اضمن لكلانا من فك الارتباط وتعرض كل المنظومة الاقتصادية
في العالم لتدهور، وفي الإيجابيات ان صورة الرئيسين تمثل صورة حوار مفتوح تحمل في طياتها
دلالة على مساعي إذابة الجليد، رغم تعدد الملفات الخلافية على نطاقات واسعة بين أكبر
اقتصادين في العالم.
وعلى هامش اللقاء تكثر الأسئلة بعد
نجاح الصين في رأب الصدع السعودي – الإيراني وضبط الخلاف بين القطبين الاقليمين، وفي
ظل الحديث المتنامي منذ فترة عن دخول الصين الى الشرق الأوسط وان كان تحت الحربة الأميركية
يتبادر الى الاذهان جملة أسئلة هل لازالت الصين ترغب في إيجاد مبادرات وحلول للقضية
الفلسطينية والصراع القائم في المنطقة وتاليا" تستطيع من حيث دورها وتزكية موسكو
لها وموقفها المعتدل من صيغة مبادرة أو مؤتمر يمهد لحلول ينزل كل الأطراف من الشجرة
والسقوف العالية لإيجاد حلول؟!!!! وهل تحمل القمة مباركة أميركية لدور بهذا الشأن؟
ندرك جيدا" ان اللقاء عنوانه الأساسي جملة الملفات العالقة بين القوتين الاقتصاديتين
في العالم وندرك ان ملفاتهما الاقتصادية والمالية والسياسية وحتى العسكرية ضاغطة الى
حدود الانفجار الذي لابد ان يُحتوى على قاعدة "احفظ حقي احفظ حقك" ولكن في
ظل المقاربات الجديدة هل تغامر الصين بالمباركة الأميركية لإحياء شيء من عملية السلام
الغارقة في سباتها العميق وهل بداية وقف إطلاق نار في غزة يتفرع من القمة القادمة؟
ربما...
الآراء الواردة في المقال تعبّر عن
رأي صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".