قمة الحكومات2023: لا يزال الاقتصاد العالمي تحت مجهر الأزمات
شباط 13, 2023

د. محمد موسى

في دبي القمة العالمية للحكومات 2023، تجمع على منصتها 20 رئيس دولة ورئيس حكومة إضافة الى أكثر من 250 وزيراً، بالإضافة إلى 10 آلاف من رجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين وقادة الفكر والخبراء العالميين الأبرز في العالم وتشهد القمة العالمية للحكومات أكثر من 220 جلسة، يتحدث فيها 300 شخصية عالمية من الرؤساء والوزراء والخبراء والمفكرين وصناع المستقبل.

وتحتضن القمة العالمية للحكومات 2023 مجموعة من الجلسات الحوارية التفاعلية ضمن 6 محاور رئيسية تشمل: مستقبل المجتمعات والرعاية الصحية، وحوكمة المرونة الاقتصادية والتواصل، والتعليم والوظائف كأولويات الحكومة، وتسريع التنمية والحوكمة، واستكشاف آفاق جديدة، وتصميم واستدامة المدن العالمية. علما" انه بعد جائحة كورونا و الامراض التي ضربت الاقتصاد باتت كل هذه المحاور عنونا" للمرحلة الحالية والمستقبلية في ظل الحديث عن جائحات جديدة و استمرار الحال الاقتصادي الراهن الى أعوام قادمة..

وأطلقت القمة العالمية للحكومات شراكات مع أكثر من 80 شريكاً استراتيجياً، ومعرفياً، وإعلامياً، وتصدر هذا العام 20 تقريراً معرفياً، بالتعاون مع أهم المؤسسات البحثية العالمية، وتستضيف القمة أكثر من 22 منتدىً عالمياً، تركز على وضع سياسات واستراتيجيات وخطط مستقبلية، تعزز جاهزية الحكومات ومرونتها للمرحلة التالية من التطور، حيث تستضيف منتدى مستقبل العمل، ومنتدى مستقبل التعليم، ومنتدى تبادل الخبرات الحكومية، والمنتدى العالمي لتصميم المستقبل، التي تركز على التعاون والتكامل العالمي، وتصميم مستقبل أفضل، وتستكمل القمة العالمية للحكومات 2023 حواراتها المختلفة، من خلال المنتدى العالمي لتكنولوجيا وسياسات المناخ، ومنتدى الصحة العالمي، ومنتدى أهداف التنمية المستدامة، ومنتدى الخدمات الحكومية، ومنتدى المرأة في الحكومة، ومنتدى الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، إضافة إلى حوارات التجارب الحكومية، ومنتدى مستقبل الإعلام الحكومي ، وتعقد القمة منتديات واجتماعات متنوعة، بالشراكة مع المؤسسات الإقليمية، والمنظمات العالمية، بما في ذلك فعالية "تايم 100"، وحوار النوابغ، ومنتدى الحكومات المرنة، ومنتدى الإدارة الحكومية العربية، ومنتدى الخبرات الخليجي، إضافة إلى النسخة الثانية من الاجتماع العربي للقيادات الشابة. وتشهد الدورة الحالية من القمة 80 اتفاقية ثنائية واجتماعاً رئيسياً، وستتيح القمة الفرصة لصناع القرار من حول العالم، لترسيخ التعاون لخير الشعوب وتبادل النظرة المستقبلية حول العمل الحكومي الذي تتفوق فيه الفرص على التحديات.

و قد يكون ابرز ما ستعقد القمة هو اجتماعات وزارية رفيعة المستوى مثل اجتماع وزراء المالية العرب بحضور رئيسة صندوق النقد الدولي السيدة كريستليانا جورجيفا التي كان لها كلام لافتا" بوضوحها عن المرحلة الحالية عالميا" وعربيا" حيث اكدت جملة أمور ابرزها:

لا يزال النمو العالمي ضعيفا، لكنه ربما يشهد نقطة تحول في الوقت الحالي. فبعدما ارتفع النمو بنسبة 3,4% في العام الماضي، نراه يتراجع حاليا إلى 2,9% خلال عام 2023، ليسجل تحسنا طفيفا في عام 2024 حيث يصل إلى 3,1%. وقد أعلنا أحدث تنبؤاتنا منذ أسبوعين، وهي وإن كانت أقل قتامة مقارنة بأكتوبر الماضي، فإنها لا تزال تشير إلى تراجع النمو، كما تظل مكافحة التضخم من الأولويات في عام 2023.

وعلى الجانب الإيجابي، نشهد حاليا تراجع التضخم من 8,8% في عام 2022 إلى 6,6% هذا العام و4,3% في عام 2024 – وإن كان سيظل متجاوزا مستويات ما قبل الجائحة في معظم البلدان. ومن العوامل المساعدة إعادة فتح الصين، وصلابة أسواق العمل والإنفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وبينما تبدو الصورة واعدة، لا تزال التطورات السلبية هي الكفة الراجحة في ميزان المخاطر. فمن الممكن تعطل مسيرة التعافي في الصين. وقد يظل التضخم متجاوزا للتوقعات، مما سيقتضي المزيد من التشديد النقدي – الذي قد يؤدي إلى عمليات إعادة تسعير مفاجئة في الأسواق المالية. وربما تتصاعد الحرب الروسية في أوكرانيا مخلفة اقتصادا عالميا أكثر تفككا.

وعليه هناك العديد من المخاطر التي تستدعي القلق في المنطقة أيضا. فالحرب الروسية في أوكرانيا والكوارث المناخية قد تؤدي إلى تفاقم عجز الغذاء في البلدان الأكثر عرضة للمخاطر. ويُضاف إلى ذلك الارتفاع المزمن في معدلات البطالة، لا سيما بين الشباب، مما يضعنا أمام خطر هائل يهدد الاستقرار الاجتماعي. لذا من الواضح ان هذه الظروف ستؤدي الى زيادة تشديد الأوضاع المالية العالمية أو المحلية إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض، بل ونقص التمويل في بعض الحالات. ومن شأن تأخر الإصلاحات المحلية الملحة أن يفرض عبئا على الآفاق الإقليمية والموارد الحكومية ودول الشرق الأوسط وشمال افريقيا ليست ببعيدة عن هذا المسار وان حققت بعض الإنجازات. لذا على الحكومات بوضوح إدارة العديد من المخاطر التي تهدد مالياتها العامة، بما في ذلك الناجمة عن الضمانات العامة وخسائر الشركات المملوكة للدولة، مما قد يؤدي إلى زعزعة استقرار الدين وتخفيضات حادة في النفقات الضرورية. إضافة الى ذلك لابد من الاستثمار في البنية التحتية المقاومة لتغير المناخ ونظم الإنذار المبكر عاملا أساسيا لتعزيز صلابة الدول ضمن محيطها حيث غدت قضايا المناخ أساس للبقاء. وينطبق ذلك أيضا على استثمارات الطاقة المتجددة، وجهود الحد من كثافة الكربون في مختلف اقتصادات العالم والمنطقة العربية. ولعل الحديث عن السياسات الضريبية كان ملفتا" في ظل ضعف السياسات الاجتماعية والصحية والتربوية حيث الكلام يدور عن ان المستقبل أكثر مرهون بمواصلة تعزيز سياسات الضرائب والإدارة الضريبية. وقد أحرزت بلدان عديدة في المنطقة تقدما كبيرا في تعزيز قدراتها الضريبية ولكن هنا لابد من الوقوف مليا" عند مشكلة أن بعض البلدان في الوقت الحالي لا تتيح سياساتها المحلية ببساطة حلا كافيا لمواجهة تحد عاجل آخر، ألا وهو عدم القدرة على تحمل ديونها المتراكمة واعباء هذه الديون فأعباء الدين الساحقة يصعب معها الإنفاق على الصحة والتعليم والبنية التحتية، ويقع ضررها الأكبر على الفئات الأكثر عرضة للمخاطر وعليه غدت مشكلة الديون مشكلة مشتركة تواجه وستواجه مستقبلا" المنطقة والعالم أجمع.

وكخلاصة بين التحديات المفروضة من جائحة كوفيد 19 الى الحرب الروسية –الأوكرانية وتفاقم أزمات النمو والتضخم والدين والجوعى حول العالم، يغدو العالم واقتصاده تحت سطوة غيوم ملبدة في 2023 لن تنتهي الا بإشراقة حلول تبدأ من وقف الة الحرب ومساعدة الاقتصادات الناشئة والضعيفة على مقاومة زلزال سياسات استحقاقات الديون واعبائها وسياسات التشدد المالي وتاليا" دعمها أكثر وأسرع قبل ان نكون في مواجهة تغيرات سياسية واقتصادية جمة قد يكون العالم بغنى عنها اقله في هذه الظروف.

الآراء الواردة في المقال تعبّر عن رأي صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".