قمة الحوار وصولا للقرار والعروبة مثل أرملة؟
أيار 18, 2023

د.محمد موسى

ما للعروبـةِ تبدو مثلَ أرملةٍ؟ أليسَ في كتبِ التاريخِ أفراحُ؟

قمة جديدة يلتئم فيها العرب مجتمعين من سنين فهل ستضيف جديدا" الى واقع المواطن العربي؟ قمة جديدة مختلفة بالشكل والمضمون والرغبة على الإنجاز فهل نستطيع؟ بيان جديد نحن بانتظاره فهل يكتب بحبر عربي صرف؟ وهل يسمح لنا نحن العرب ان نتفق فيما بيننا ولو لمرة واحدة ثم نراقب ماذا انجزنا خلال العام وان استطعنا تنفيذ من وعود لا يرى فيها الشارع العربي الا حبر على ورق؟

لا نكتب هذه الحروف للانتقاد والسلام انما من وجع حقيقي يضرب اجسادنا المرهقة وقلوبنا الحزينة التي تموت شيئا" فشيئا" من واقع عربي مرير حتى غدونا نسأل أنفسنا هل نحن احياء؟ ام اننا في مقابر العروبة التي لا تغادرنا ولا نغادرها؟

تنعقد القمة ولا زلنا نحمل امالنا واحلامنا ومستقبل أولادنا بغد عربي مشرق حبذا لو ينطلق مع تقديرا" لكل الصلات الدينية والعرقية واللغوية، حبذا لو ننطلق من رؤية استراتيجية اقتصادية سياسية واستهللت بالاقتصاد لان الاقتصاد رافعة السياسة في عالم التحولات والتغيرات وسياسات الأقطاب العالمية الجديدة والتحولات القادمة لا محالة فهل لحجزنا مكان بين من نستحق ونحن نملك ثروات ومؤهلات ترفدنا للوقوف مرفوعين الراس مطالبين بأقل حقوقنا التي باتت تشحذ على قارعة العواصم.

ان انعقاد القمة من حيث المكان في ارض المملكة العربية السعودية بعد التحولات السعودية الكبرى من حديث شنغهاي الى القمم مع الصين وصولا الى التعاون الاقتصادي وسياسات أوبك القائمة على المصلحة الحقيقية للاقتصاد العالمي واستقرار اسواقه والحرص على دور سعودي قادر على المجابهة والحضور لاسيما بعد الاتفاق السعودي الإيراني الذي شكل انعطافه في سياسات المنطقة.

من هنا نرى ان القمة جاهزة على قدرة المضيف للضغط لتكون قمة الحوار وصولا الى القرار في جملة قضايا أساسية في الامن القومي العربي و هنا نتحدث عن الامن القومي ليس فقط بمعنه العسكري فقط انما بالمعنى الاقتصادي بعناوينه الزراعية والصناعية و التجارية و السياحية وتاليا" بالمعنى الاجتماعي حيث احصائيات دول المنطقة العربية تشير الى ان المتوقّع أن تشهد اقتصادات المنطقة العربيّة نموًا بنسبة 4.5% في عام 2023 و3.4% في عام 2024، مع الأخذ في الاعتبار التداعيات السلبيّة لجائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا على الاقتصاد العالمي، وذلك فقًا لآخر نسخة من مسح التطورات الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة العربية" التي أصدرتها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا .

وأكثر من ذلك ان المؤشرات تؤكد انه بعد اارتفاع التضخم في المنطقة وصولا إلى 14% في عام 2022، لكنه من المتوقع أن ينخفض في العامين المقبلين ليصل إلى 8 و4.5 %، على التوالي. وارتفعت أيضاً مستويات الفقر في عام 2022 مقارنة بالسنوات الماضية ليصل عدد الفقراء إلى ما يقرب من 130 مليون شخص، أي ما يمثل ثلث سكان المنطقة، باستثناء دول مجلس التعاون الخليجي وليبيا، وذلك وفقًا لخطوط الفقر الوطنية. وهذه المستويات متوقع أن تستمر في الارتفاع خلال العامين المقبلين لتصل إلى 36% في عام 2024. وسجّلت المنطقة أيضًا أعلى معدّل بطالة عالمياً في عام 2022 بنسبة 12%، وقد يشهد انخفاضًا طفيفًا في عام 2023 ليصل إلى 11.7% في ضوء جهود إنعاش الاقتصادات بعد جائحة كوفيد.

وعليه ان المطلوب اليوم اجندة واضحة في دعم فلسطين و عودتها واجهة القضايا وربما تجديد المبادرة العربية بروحية جديدة والتأكيد عليها منعا" للالتباس في المفاهيم في عالم متوحش و حكومة من المتطرفين القتلة في اسرائيل، والعمل محاولة لملمة الجراح و الصراعات المتنقلة من السودان الى اليمن إضافة الى السعي لانتشال لبنان من ازمته التي لا يعرف من اين تبدأ و كيف تنتهي ولكن لا حل بلا العرب و الكل يدرك ذلك، و الطائف ارض المضيف شاهدا" على وثيقة الوفاق الوطني اللبنانية 1989 كذلك ارض الدوحة شاهدا" إضافيا" ان الحل بمساعدة العرب ممكن لا بل اكيد ، وهنا لابد من الاخذ بيد تونس ومصر حيث الكثير من الازمات الاقتصادية و الخشية من تفلتها، فأرض الكنانة قلب العرب الذي لابد ان يبقى نابضا" عبر شركات اقتصادية –مالية واسعة التقديمات ضمن رزم من الإصلاحات كذلك فالوضع التونسي مقلقا" و ارض قرطاج لابد من الحفاظ على وحدتها والعمل على عدم انزلاقها وهنا و نحن نطوف في المغرب العربي لابد من محاولة رأب الصدع بين الجزائر و المغرب خاصة ان القمة ستشهد اعلى عدد حضور من الرؤساء والملوك والامراء العرب. ولا يفوتنا هنا الحديث عن مقاربة لموضوع اللاجئين في كل المنطقة العربية ودعم الحل الأنسب لعودتهم لبلادهم موفري الكرامة والعزة.

ان العرب بحاجة للصراحة والمصارحة فيما بينهم ولابد من حديث بل كفوف ولا مواربة، والعمل على إيجاد أرضية من التعاون مع دول الإقليم الفاعلة تحت مظلة الاحترام والتعاون الاقتصادي المقرون باحترام سيادة الدول ولقاء تحولات العالم الجديد المتعدد الأقطاب سياسيا" واقتصاديا" في مساحة حقيقية لمن يلاقي مصالحنا وحقوقنا كعرب.

ان الساعة اليوم لملاقاة الشباب العربي و هم الكتلة الوازنة و لإدخال الفرح ليس لشعوب دول بعينيها بل لشعوب أمة بأسرها والا بقينا على ما قال الشاعر الكبير نزار قباني منذ عقود خلت:

ما للعروبـةِ تبدو مثلَ أرملةٍ؟ أليسَ في كتبِ التاريخِ أفراحُ؟