قمة المناخ كوب 27: متى تفي الدول الكبرى بالتزاماتها المالية؟
تشرين الثاني 06, 2022

د.محمد موسى

على ارض مصر الكنانة ام الحضارات وام التاريخ وعلى مقربة من سيدة الأرض كما يقول محمود درويش وعلى وقع أزمات الأرض المتنقلة والمتلاحقة والمترابطة ما بين السياسة والامن والاقتصاد وشح الموارد والتقلبات المناخية المتزايدة وليس اقلها جفاف انهار أوروبا و فيضانات باكستان و التصحر القادم بسرعة البرق وحالة الغليان الفعلية والمجازية للحرارة الأرض ستنعقد قمة كوب 27 قمة المناخ العالمية حاملة الفرصة الأخيرة في زمن الانهيارات المناخية والتهرب من الالتزامات المالية والتنموية المبرمة من قمم سابقة تجاه هذا الكوكب الحزين على ما حل به من خراب. وتنطلق اهداف المؤتمر من جملة قضايا جوهرية عنوانها:

التخفيف: كيف تعمل البلدان على خفض انبعاثاتها؟

التكيف: كيف ستقوم الدول بالتكيف مع تغير المناخ ومساعدة الآخرين على ذلك؟

تمويل المناخ: القضية الاساس التي لا تغادر غرفة المفاوضات أبداً: فهل يتم وفاء الدول الكبرى بالتزاماتها؟

كلها قضايا حيوية للكوكب الغارق في مشكلاته وسيقام الحدث الرئيسي في مركز شرم الشيخ الدولي للمؤتمرات في الفترة من 6 إلى 18 تشرين الثاني /نوفمبر حيث ما يفوق 30 الف مشارك من ممثلي الحكومات والشركات والمنظمات غير الحكومية ومجموعات المجتمع المدني إضافة الى مراقبين بدون أدوار رسمية يجرون تدخلات ويساعدون في الحفاظ على الشفافية، بمن فيهم الوكالات الأممية والمنظمات الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية والمجموعات الدينية والصحافة، اما ابرز مواضيع هذا العام هي: التمويل، والعلوم، والشباب والأجيال القادمة، وإزالة الكربون، والتكيف والزراعة، والجنس، والمياه، والمجتمع المدني، والطاقة، والتنوع البيولوجي والحلول –أحدث موضوع في مؤتمر الأطراف الذي كالعادة، سيُعقد المؤتمر في منطقتين - المنطقة الزرقاء والمنطقة الخضراء، اللتين تقعان هذا العام مقابل بعضهما البعض. المنطقة الزرقاء هي مساحة تديرها الأمم المتحدة حيث يتم استضافة المفاوضات. هذا العام سيكون هناك 156 جناحا داخل المنطقة الزرقاء، أي ضعف العدد الذي كان في غلاسكو في ذلك شارة الى تطورات الاهتمام بمواضيع المناخ وسيتم تمثيل العديد من الوكالات الأممية والبلدان والمناطق، وسيكون هناك أيضاً لأول مرة جناح للشباب والأغذية الزراعية، وتدار المنطقة الخضراء من قبل الحكومة المصرية وهي مفتوحة للجمهور المسجل. وستشمل أحداثا ومعارض وورش عمل محادثات لتعزيز الحوار والوعي والتعليم والالتزام بالعمل المناخي.

لا يخفى على أحد ان الوقائع تشير الى كوارث تحف الكوكب من أقصاه الى أقصاه من ازمة كوفيد 19 التي مازالت ارتادتها حاضرة ومتحورتاها تجوب الكثير من مناطق العالم والخشية قادمة من جائحات جديدة في طريقها الى الكوكب مع ما تحمله من كوارث اقتصادية ستنعكس حكما" على الاستثمارات البيئة وتؤدي الى تراجع التزامات الدول. ما الحرب الأوكرانية –الروسية فحدث ولا حرج حيث الحديث الدائم عن المجاعة المتنقلة بين الشرق الأوسط وافريقيا بفعل أزمات الحبوب وخاصة القمح حيث ما يفوق 33% من انتاج العالم في دائرة الحرب قابع في الصوامع وعليه نرى التحولات في عالم الطاقة حيث المملكة العربية السعودية وعقودها المتلاحقة في عالم الطاقة الخضراء وصولا الى خلفته الحرب في أوكرانيا، لذلك هناك الكثير من الأشياء التي وافقت عليها العديد من الدول، والآن لا يمكنها فعلها. لقد تغير المشهد نتيجة للحرب التي آن لها من حلول.

في الواقع، ساهمت الحرب الروسية - الأوكرانية في زيادة التضخم وفاقمت أزمتي الطاقة والغذاء حول العالم. فاضطرت دول مثل ألمانيا إلى تقليص أهدافها المناخية على المدى القصير، في حين تم تعليق مجموعة العمل المعنية بالمناخ التاريخية بين الصين والولايات المتحدة والتي تم الإعلان عنها فيقمة غلاسكو الأخيرة 2021، ان في ذلك انتكاسة في التعهدات والالتزامات التي قدمتها بعض الدول من قمة العام الماضي،ومع ذلك هل تحمل الحرب إنذار للدول لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة والامثلة كثيرة فلقد بتنا نرى البرتغال تتجه نحو طاقة متجددة بنسبة مئة في المائة، ونعلم أن الدنمارك تفعل ذلك أيضا، وأعتقد أن ذلك سيدفع البلدان الأخرى إلى رؤية الحاجة لأن تكون متجددة ومكتفية ذاتياً في مجال الطاقة في تحقق الدول الكبرى كتلك الدول تقليل انبعاثاتها الكربونية القاتلة؟.

ان معيار نجاح القمة من عدمه ليس في اخذ الوعود الإعلامية الفارغة انما العبرة في وضعها موضع التنفيذ وعليه سيكون تمويل المناخ موضوعاً أساسياً مجدداً، وهناك العديد من المناقشات المتعلقة بالتمويل مدرجة بالفعل على جدول الأعمال، فيما توجه البلدان النامية نداء قويا للدول المتقدمة لتأمين الدعم المالي المناسب والكافي، لا سيما للدول الأكثر ضعفاً ومن المؤكد والضروري أن يتم التطرق كثيرا إلى موضوع الوعد السنوي من قبل الدول المتقدمة لتقديم مبلغ 100 مليار دولار سنويا، والذي لم يتم الوفاء به؟!!!!! لقد التزمت الدول الغنية بهذا التمويل، لكن التقارير الرسمية ما زالت تظهر أن هذا الهدف لم يتحقق!!!!!!

ان الواقع يقول ان هناك دول متقدمة كبرى تشعر بالقلق الشديد حيال ذلك وتنظر إلى هذه القضية من منظور ما سيدفعه الملوث. وعليه الآن وأكثر من أي وقت مضى يتعين على البلدان الأكثر تضرراً من تغير المناخ والتي تعاني من التكاليف أن تتعامل مع واقعها. ولكن حان الوقت وبكل حزم أن تقف الدول الكبيرة مع نفسها وتغير مقارباتها للموضوع لحماية الأرض وأهلها لاسيما الدول الافريقية، علما" ان الدول الكبرى هي البلدان الرئيسية المسببة للانبعاثات، لقد آن لها ان تقول، "علينا أن نفعل شيئاً، علينا أن نقدم مساهمة لهذه البلدان الضعيفة" ببساطة علينا الوفاء بكل التزاماتنا.

الآراء الوارداة في المقال تعبّر عن رأي صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".