لبنان إلى أين؟
شباط 01, 2024

د. وائل نجم

تزداد الأسئلة التي تُطرح كلّ يوم في لبنان عن المستقبل الذي ينتظر هذا البلد في ضوء انسداد الأفق السياسي أمام إعادة إطلاق الدورة السياسية في البلد، وفي ضوء الأزمة الاقتصادية الحادّة التي تعصف باللبنانيين، وفي ضوء المخاطر المحدقة التي تهدد الأمن والأستقرار الهشّ القائم، لا سيّما وأنّ التهديدات الإسرائيلية على الجبهة الجنوبية تزداد وترتفع مطالبة بإخراج حزب الله والمقاومة من جنوب نهر الليطاني إلى شماله بالدبلوماسية أو بالحرب.

على المستوى السياسي نشهد جموداً قاتلاً في مسار انتخاب رئيس جديد للجمهورية كما لو أنّ البلد يمكنه أن يستمرّ ويعيش بلا رئيس!

فالمجلس النيابي جمّد عقد الجلسات الانتخابية بعد فشله في انتخاب رئيس على الرغم من عقده اثنتي عشرة جلسة انتخاب، وبالتالي فهو ينتظر الاتفاق بين القوى السياسية والكتل النيابية على مرشح معيّن قبل عقد الجلسة، وينتظر أيضاً المبادرات والوساطات الدولية والعربية التي تقول إنّها تساعد على إيجاد المخارج، ولكن للأسف حتى اللحظة لم تتمكن لا القوى السياسية والكتل النيابية، ولا المبادرات العربية والدولية من فتح كوّة في المسار السياسي تشكّل أملاً لانتخاب رئيس جديد وبالتالي إطلاق المسار السياسي من جديد في لبنان.

على الصعيد الاقتصادي أيضاً يسود جمود قاتل. فالأزمة الاقتصادية على حالها على الرغم من استقرار سعر صرف الليرة على حدود معيّنة، غير أنّ الأزمة على حالها، والضرائب في ازدياد، والملفات الاقتصادية عالقة، والدخل والنمو والانهيار وكل هذه المفردات الاقتصادية في حالة تردّي عن الحالة التي هي فيها، وهو ما يؤشّر إلى استمرار الأزمة الاقتصادية وتفاقمها.

أمّا على المستوى الأمني والاستقرار العام فإنّ حالة قلق وتوتر تسود البلد بسبب التوتر القائم على الحدود الجنوبية والذي ينذر بإمكانية توسّع الحرب على كلّ لبنان في وقت يعيش البلد أزمتين سياسية واقتصادية.

المؤشرات الميدانية في جبهة جنوب لبنان توحي أنّ احتمالات توسّع الحرب نحو لبنان تتصاعد بشكل يومي ومثير. وحزب الله الذي دخل الحرب والمواجهة على قاعدة المشاغلة وصرّح عن ذلك في مناسبات كثيرة، بات اليوم يخشى توسّع الحرب نحو لبنان وهو الذي أراد منذ اليوم الأول أن يُجنّب لبنان الحرب.

اليوم، وفي ضوء التهديدات الإسرائيلية ومطالبة قيادة الاحتلال بإعادة حزب الله إلى شمال نهر الليطاني والتهديد بالقيام بعملية عسكرية لتحقيق ذلك إذا لم يتم عبر الدبلوماسية والضغوط الدولية، فإنّ المواجهات على الجبهة الجنوبية بدأت تتحوّل من حالة المشاغلة إلى حالة الردع من أجل منع الحرب.

لبنان أمام هذه الأزمات أو الملفات بات في وضع حرج لا يُعرف على وجه الدقّة أين سيستقر، وهو ما يتطلّب من المسؤولين اللبنانيين استشعار هذا الظرف وهذه الأزمات والعمل سريعاً لإنقاذ البلد وتوجيهه نحو البوصلة الصحيحة التي تجعله يخرج من الوضع القائم، ولكن للأسف لا يبدو أنّ الطبقة القائمة على الأمر إمّا أنّها لا تملك الأهلية للقيام بهذا الواجب والمسؤولية وإمّا أنّها متواطئة غير آبهة بما تصل إليه الأمور وكلٌّ منها يغنّي على ليلاه ويعمل على مصالحه الخاصة والضيّقة حتى لو كان ذلك على حساب الوطن!

الآراء الواردة في المقال تعبّر عن رأي صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".