منير الربيع
تتضارب المعلومات حول انجاز ملف ترسيم الحدود. فهناك
من يعتبر أنه قابل للحلّ في المرحلة المقبلة. ويستبعد آخرون ذلك على قاعدة أن لا الظروف
الإقليمية والدولية تسمح، ولا وضع لبنان في نهاية العهد وحكومة تصريف أعمال، إضافة
إلى وجود أزمة حكومية وسياسية في إسرائيل.
ثبات الستاتيكو
لذا، التعقيد قائم بلا حاجة أي طرف إلى التصعيد.
فهذا ليس من مصلحة أحد، والجميع يحتاج للحفاظ على الاستقرار. ما يعني أن مؤشرات الحرب
مستبعدة. لكن قلائل آخرين يعتبرون أن هناك إمكانية لتصعيد أو لمعركة، لا سيما بعد قمة
الرياض وزيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنطقة ولقاءاته في إسرائيل ومع قيادات
دول عربية.
من يستبعد التصعيد يشير إلى أن التفاوض لا يزال
مستمراً، عبر القنوات الديبلوماسية ومن خلال الأميركيين، على نقطتين: الأولى أن لبنان
لن يدّعي رسمياً أن إسرائيل تعتدي على مياهه وثروته النفطية. وبالتالي لا سرقة للنفط.
والثانية أن إسرائيل لن تقوم بأي عمل استفزازي يثير غضب اللبنانيين، ويستدعي رداً من
حزب الله. بمعنى أوضح: لا تجتاز باخرة التنقيب شمال الخط 29، ولا تعمل على سحب النفط
أفقياً. وهذا يبقي الستاتيكو على حاله في انتظار تفاهم خارجي، رغم أنه يحتاج إلى وقت
طويل.
حزب الله الإقليمي
هذا لا يمنع استمرار الأطراف الإقليمية من تجميع
أوراق قوتها. والقوى هذه تعمل على تعزيز علاقاتها وتحالفاتها، ووضع برامج مشتركة للمرحلة
المقبلة، ربطاً بزيارة بايدن إلى المنطقة، وبالحديث عن تعزيز العلاقات الأمنية والعسكرية
مع إسرائيل لمواجهة إيران.
وطهران تستمر في تجميع حلفائها، على قاعدة إيكال
ملف المنطقة لحزب الله وأمينه العام حسن نصرالله، مع اقتصار الاهتمام والتركيز الإيرانيين
على القضايا الدولية: التفاوض مع الروس أو الأوروبيين أو الأميركيين، وبالتالي التركيز
على الاتفاق النووي. إضافة إلى اهتمام إيران بوضعها الداخلي على الصعيدين الأمني والعسكري،
بعد إكثار إسرائيل عمليات استهدافها مسؤولين إيرانيين بارزين.
أما حزب الله فيتولى شطراً أساسياً من ملفات المنطقة.
وفي هذا السياق تندرج زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية لبنان. وحزب
الله يسعى في إصلاح العلاقة بين حماس والنظام السوري. وبانعقاد المؤتمر القومي العربي
والقومي الإسلامي لمواجهة التطبيع في بيروت، تتحول العاصمة اللبنانية موقعاً أساسياً
في المواجهة.
إلى جانب الصعيدين السياسي والإعلامي، حصلت اجتماعات
أساسية بين حزب الله وحماس وحركات فلسطينية أخرى، كالجهاد الإسلامي، لإعادة التذكير
بالمعادلة التي رفعت سابقاً، وتحديداً منذ عملية سيف القدس. وقد شُكلت حينها غرفة عمليات
مشتركة لمواكبة المعركة. وهذا يتطور بالتوازي مع إعلان الجبهات التي تقاتل عليها هذه
القوى والحركات بأنها جبهة واحدة في أي حرب أو معركة قد تحصل.
لبنان الأميركي- السعودي
في مواجهة هذا الوضع، ظهرت مواقف عربية من لبنان
على وقع جولة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. فأثناء زيارته مصر والأردن، صدرت بيانات
أكدت احترام الدولة اللبنانية، والحرص على العلاقة مع لبنان، وحصر السلاح بيد الدولة.
وهذا يوحي أن لبنان سيكون جزءاً أساسياً من ما يطرح على طاولة البحث بين الأميركيين
والسعوديين. فالسعودية التي ستقدم هدايا نفطية لبايدن، ستطالب بمكاسب سياسية مقابلها.
هذا ما يدفع كثيرين إلى القول إن زيارة الرئيس الاميركي يمكن أن تؤدي إلى متغيرات سياسية
على الساحة اللبنانية، على وقع التقارب الأميركي- السعودي.
الجانب الفرنسي سيكون منشغلاً بملفاته الداخلية،
بعد ما أفرزته الانتخابات من نتائج. وهنا تبرز مواقف أميركية يمكن أن تتصاعد في المرحلة
المقبلة، للضغط على لبنان، والتأثير على حزب الله. من ذلك، كحال كل سنة في هذا الوقت:
تتعالى أصوات أميركية تطالب إما بتوسيع صلاحيات عمل اليونيفيل وتعزيز دورها وتوسيع
نطاقها، وإما بتقليص عديدها وعتادها وتخفيف المساعدات التي تحصل عليها.
المصدر: المدن.
الآراء
الواردة في المقال تعبّر عن رأي صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".