عماد مرمل
مع عودة الرئيس
سعد الحريري إلى بيروت في 14 شباط المقبل لإحياء ذكرى استشهاد والده، تتجدّد التساؤلات
والتخمينات حول «مستقبله» ومصير القرار الكبير الذي اتخذه قبل نحو عامين بتعليق العمل
السياسي.
بهذا المعنى،
فإنّ 14 شباط لم يعد فقط تاريخاً لاستعادة ذكرى استشهاد الحريري الأب، بل هو بات بالنسبة
إلى مناصري تيار «المستقبل» مناسبة لاستعادة الأمل بتراجع سعد عن قرار الاعتكاف.
وغالباً ما
تمتزج الاجتهادات السياسية بعواطف أصحابها من محبي الحريري الذين يتهيأ لهم في كل مرّة
انّ الظرف بات ملائماً لإنهاء مرحلة الإنكفاء والانكماش، وفتح أبواب «بيت الوسط» على
دور متجدّد، قبل أن يخيب املهم مع توضيب الحريري حقائبه مجدداً ورجوعه الى «حياته الجديدة»
في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وعلى بُعد
ايام من «زيارة» الحريري لبيروت عشية 14 شباط 2023، لوحظ انّ مؤيديه استبقوها بموجة
من التعاطف الحار الذي يتمّ الاستعداد لـ»تسييله» الى استقبال شعبي حاشد، يُراد منه
توجيه رسالة من كلمة واحدة إلى سعد، قوامها: ارجع..
وقد انتشرت
في بعض شوارع العاصمة صور للحريري، مرفقة بدعوته الى البقاء واستئناف عمله السياسي،
على وقع استنفار في صفوف مؤيّديه لتحضير استقبال مميز له، بحيث صار جلياً انّ مناسبة
14 شباط ستكون فرصة لقياس حدود شعبيته، بعد مرور عامين على انسحابه من اللعبة السياسية،
علماً انّ القريبين منه يتوقعون حصول تفاعل واسع معه أثناء فترة وجوده في بيروت، لافتين
الى انّ شريحة كبيرة من أبناء الطائفة السنّية لا يزالون يتمسكون به، إما بسبب وفائهم
له وإما لأنّ الخيارات البديلة لم تكن مقنعة لهم.
ولكن هل «اشتياق»
جمهور الحريري لزعيمه يكفي حتى يعيد الرجل النظر في اعتكافه الذي ارتبط بأسباب خارجية
وداخلية؟
الأكيد، انّ
الحريري وحده قادر على تحديد متطلبات اللحظة المؤاتية لعودة نهائية، الاّ انّ ما يمكن
استنتاجه هو انّ البيئة العامة حالياً اختلفت عن تلك التي كانت سائدة عند اتخاذه قرار
الابتعاد، فلا الوضع الداخلي هو نفسه ولا الواقع الاقليمي كذلك. وبناءً عليه، فإنّ
مرحلة إعادة تكوين السلطة في لبنان والتي تنتظرانتخاب رئيس الجمهورية، والعدوان الاسرائيلي
على غزة وما سيتركه من مفاعيل قد تعيد تشكيل المنطقة، والعلاقة المستعادة بين السعودية
وايران بعد نزاع حاد أصابت شظاياه «بيت الوسط» الذي اختار آنذاك ربط النزاع مع «حزب
الله».. كلها عوامل تؤشر إلى مشهد جديد يمكن للحريري ان يكون جزءاً منه إذا كانت لديه
ولدى المؤثرين في خياره، إرادة إحياء دوره السياسي.
وحتى ذلك الحين،
تشير مصادر «بيت الوسط» الى انّ اللافت هذه السنة ارتفاع منسوب الحماسة الشعبية لعودة
الحريري، وعدم اقتصار هذه الحماسة على قواعد تيار «المستقبل» وإنما شمولها «البيئة
الحاضنة» التي تضمّ مناصرين للحريري من خارج الأطر التنظيمية لتيار «المستقبل».
وتوضح المصادر
انّ المبادرات الشعبية التلقائية لاستقبال الحريري سبقت «المستقبل»، في اعتبار أنّ
دينامية الأرض هي أسرع من الآليات التنظيمية للأحزاب، متوقعة ان تُترجم هذه الدينامية
في 14 شباط وخلال ايام وجود الحريري في لبنان.
ولكن المصادر
تلفت الى انّ الحريري لم يعط بعد اي إشارة رسمية الى انّه في صدد تعديل قراره بتعليق
العمل السياسي، وبالتالي لم يتبلّغ محيطه حتى الآن بأي ترتيبات جديدة تختلف عن تلك
التي كانت تواكب حضوره المؤقت الى بيروت في ذكرى استشهاد والده.
وتشير المصادر
الى انّ رصد نبض الأرض خلال الأيام الأخيرة يُبيّن بوضوح انّ جمهور الحريري سيحاول
الضغط عليه لإقناعه بالعودة النهائية الى لبنان واستئناف نشاطه السياسي، على قاعدة
انّ التجربة أظهرت أن لا بديل منه وانّ الفراغ الذي تركه لم يتمكن احد من ملئه.
وتعتبر المصادر
انّ السؤال حول كيف يمكن أن يتلقف الحريري رسالة 14 شباط الجماهيرية، وهل يبني عليها
ام لا، انما هو امر يخصّه وحده ويعود اليه شخصياً ان يحدّد الجواب المناسب ربطاً بمقاربته
للامور وتقديره للموقف.
وتلاحظ المصادر
انّ خصوم الحريري، على تنوعهم، هم أيضاً يفتقدونه، وباتوا مقتنعين بضرورة رجوعه الى
المعترك السياسي لتصحيح الخلل في التوازن وملء الفراغ الذي تركه، علماً انّ بعض هؤلاء
كانوا من المساهمين في «تطفيشه».
المصدر: الجمهورية.
الآراء الواردة في المقال تعبّر عن رأي صاحبها ولا تعبّر
عن "آفاق نيوز".