د.
وائل نجم
يوم الجمعة الفائت وتحت عنوان تشريع
الضرورة انعقد المجلس النيابي على مدى يومي الخميس والجمعة وأقرّ عدداً من مشاريع واقتراحات
القوانين تحت عنوان الضرورة ومن بين ذلك إقرار اقتراح قانون تأجيل تسريح قائد الجيش
ومدير عام قوى الأمن الداخلي إلى سنة كاملة، وهو قانون مهدّد بالطعن لأسباب كثيرة وعديدة،
وقد كشف بعض نوّاب تكتل لبنان القوي أنّ التكتّل يتجه نحو الطعن بالقانون أمام المجلس
الدستوري، ولكن ذلك لا يعني أبداً أنّ الطعن سيبطل القانون أو سيعيده إلى المجلس النيابي،
فالمجلس الدستوري له آلياته الحاكمة، فضلاً عن أنّ بعض أعضائه لهم مرجعياتهم السياسية
التي يتلقون منها التعليمات ويعملون بمقتضاها، وبالتالي فإنّ عمل المجلس محكوم بهذه
الاعتبارات وليس من السهولة أن يصل إلى قرار بخصوص قانون بهذه الخصوصية فضلاً عن شبه
الاجماع النيابي حوله نظراً للظروف المحيطة به، فباستنثاء تكتّل لبنان القوي الذي قاطع
الجلسة، ونوّاب كتلة الوفاء للمقاومة الذين خرجوا منها قبيل بدء التصويت على اقتراح
القانون فدخل بدلاً عنهم نوّاب الكتائب والمعارضة الذين عملوا على تأمين نصاب الجلسة
لإقرار قانون تأجيل تسريح قائد الجيش ومدير عام قوى الأمن الداخلي، فإنّ معظم النوّاب
حضروا تحت عنوان الضرورة وأقرّوا اقتراحات القوانين. ولكنّ السؤال الجوهري الذي يعود
ويطلّ برأسه ويطرح نفسه في ظلّ قيام المجلس بالتشريع تحت عنوان الضرورة، متى يمكن أن
يحين موعد انتخاب رئيس للجمهورية؟! أليس انتخاب الرئيس من أوكد وأكثر الضرورات الملحّة
التي يحتاجها لبنان في ظلّ هذه الظروف والأوقات؟!
لاحظنا ولاحظ معظم اللبنانيين أنّ ملف
انتخاب الرئيس بات في ثلاّجة كبيرة وكثيرة البرودة. فلم نعد نسمع عن أي حراك لا لبناني
محلي ولا عربي أو دولي على هذا الخط، حتى أنّ مبعوث الرئيس الفرنسي الرئاسي، جان إيف
لودريان، وهو مكلّف من الرئيس الفرنسي حصراً بوساطة في مسألة انتخاب الرئيس، وخلال
زيارته الأخيرة قبل نحو أسبوعين إلى بيروت تحدّث في القرار 1701 والمنطقة العازلة في
الجنوب وحمل تهديدات إسرائيلية للبنان ولم يتحدّث عن انتخاب الرئيس ولا بحث في أيّة
صيغة ولا أي مقترح له علاقة بالموضوع. فضلاً عن أنّ مسألة انتخاب الرئيس غابت حتى عن
تصريحات المسؤولين اللبنانيين تماماً كما لو أنّه ليس هناك أزمة ولا هناك شغور في موقع
الرئاسية، ولا أي شيء من هذا القبيل. ربما الجميع ينتظر نتائج معركة طوفان الأقصى في
فلسطين، بل الأصح ربما الجميع يراهن على نتائج معركة طوفان الأقصى ليمضي في مرشحه في
ضوء نتائجها.
لبنان بحاجة في ظلّ هذه الأوضاع أكثر
من أي وقت مضى إلى رئيس للجمهورية، والمجلس النيابي الذي استطاع عن يجتمع تحت عنوان
الضرورة ويقرّ اقتراح قانون لتمديد ولاية قائد الجيش ومدير عام قوى الأمن الداخلي،
يستطيع أن يجتمع وينتخب رئيس جديد لو صدقت النوايا عن الكتل النيابية والقوى السياسية.
أمّا
بالنسبة للوسطاء فإنّ اللبنانيين، وأعني بهم الشعب، يأملون من هؤلاء الوسطاء وفي طليعتهم
الأشقاء القطريين إعادة تحريك وساطتهم لإنجاز هذا الملف وهم الذين نجحوا في تحريك وساطات
عديدة على مستوى المنطقة ونجحوا فيها. اللبنانيون يأملون أن تنتهي معاناتهم وتنتظم
مؤسساتهم وتعود إلى العمل كالمعتاد حتى تعود الحياة وتدبّ في لبنان من جديد.
الآراء
الواردة في المقال تعبّر عن رأي صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".