منير
الربيع.
بدأت
الحماوة الانتخابية ترخي بثقلها على الوضع السياسي. ففي موازاة تكثيف اجتماعات اللجنة
المختصة بالتوافق على الآليات التطبيقية والاصلاحية للقانون الجديد، بدأت القوى السياسية
العمل على بلورة لوائحها وتحالفاتها، تمهيداً لمرحلة تسليم هذه اللوائح إلى وزارة الداخلية.
على
صعيد اجتماع اللجنة الوزارية، الثلاثاء في 9 كانون الثاني 2017، لا يزال الخلاف مستمراّ
بين أعضائها، والانقسام يبدو واضحاً، وسيختزل بعضاً من الاصطفاف الانتخابي بين القوى.
التيار الوطني الحر وتيار المستقبل في تحالف ثابت، وإن كان غير معلن، وقد انسحب ذلك
على موقفي الطرفين داخل اللجنة، لجهة المطالبة بإدخال تعديلات على بعض مواد القانون
الجديد، لكن هذه المرّة من البوابة التقنية والاصلاحية. إذ طالب الوزيران نهاد المشنوق
وجبران باسيل بتعديل المادة المتعلّقة بانشاء ميغاسنتر، يقترع فيها الناخبون في أماكن
سكنهم وليس في مسقط الرأس.
طالب
المشنوق وباسيل بهذا التعديل، بسبب الوقت الداهم الذي لم يعد يسمح بإنشاء هذه المراكز
لتنظيم العملية الانتخابية. وعلى هذا الأساس، انقسم الرأي بين أعضاء اللجنة، منهم من
يصرّ على الاصلاحات وإنشاء هذه المراكز، كالوزير باسيل الذي أكد أنه لن يتم نعي الاصلاح
و"سنقاتل بكل ما أوتينا من قوة من أجلها"، في مقابل رفض أفرقاء آخرين ذلك،
معتبرين أن الوقت لم يعد يسمح بإنشاء هذه المراكز، لكنهم يوافقون على مبدأ التسجيل
المسبق، ومبدأ اعتماد بطاقة الهوية للانتخاب، كالقوات اللبنانية وحركة أمل.
الخلاف
بين رئيسي الجمهورية ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري انعكس في اللجنة أيضاً. إذ اعتبر
تيارا المستقبل والوطني الحر أن القانون يحتاج إلى تعديل في بعض بنوده الإصلاحية، فيما
تعتبر حركة أمل أن الرئيس بري كان قد استبق ذلك في جلسة إقرار القانون، ومرر جملة في
متن النص تحفظ خطّ العودة، إذا لم تنجز البطاقات الممغنطة والميغاسنتر، فتجري العملية
الانتخابية وفق الآلية المعتمدة سابقاً. لأن فتح باب تعديل مادّة، لن يغلق وسيؤدي إلى
هرج ومرج في موضوع المطالبات بإدخال تعديلات، وقد يأخذ الأمور في اتجاه آخر. فيما هناك
من يعتبر أن القصد من طرح التعديلات هو الدخول إلى تعديلات جوهرية تتعلق بالقانون والصوت
التفضيلي.
وفي
موازاة النقاش التقني، يستمر النقاش في التحالفات السياسية، وإن بشكل غير ظاهر. إذ
إن مختلف القوى السياسية تفضّل اجراء حساباتها بصمت، ومفاوضاتها بسرّية تامّة، إلى
حين تبلور وجهة الأمور في كل دائرة، وذلك تحسباً لأي دعسة ناقصة. بمعنى أنه إذا عقد
اجتماع انتخابي بين طرفين سياسيين، وعادا وفشلا في التوصل إلى إتفاق، يخشى الفريقان
من أن ينعكس ذلك سلباً على مفاوضاتهما مع أفرقاء آخرين. هذا الأمر يسري مثلاً على الوضع
بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية. بعض الإشارات تفيد بأن المستقبل ذاهب إلى التحالف
مع التيار، فيما هناك من يرفض ذلك ويفضّل التحالف مع القوات. لذلك، من غير الواضح ما
الذي سيحصل وإذا كان التحالف في دائرة قد يختلف في أخرى، في بيروت الأولى والثانية
مثلاً، صيدا جزين، زحلة، عكار، ومناطق أخرى.
وما
يسري على القوات والمستقبل، يسري على حركة أمل وحزب الله والتيار، في ظل الخلاف بين
حليفي الحليف. فمن غير الواضح بعد كيف سترسو التحالفات الانتخابية في الدوائر المشتركة.
فقد تقتضي المعركة الانتخابية حصول تنافس متفاهم عليه بين حزب الله والمستقبل. لكن،
إذا كان المستقبل متحالفاً مع التيار، لا شك أن حزب الله لن يمنح أصواته لهذه اللائحة،
لا بل سيذهب إلى تشكيل لائحة مشتركة مع حركة أمل وحلفاء آخرين. وهذا ما قد تشهده دوائر
صيدا جزين، زحلة وبعبدا.
لكن،
مهما اختلفت التحالفات بين أركان العهد إلا أن النتائج لن تتغير بشكل مفاجئ، وفق تقديرات
أصحابها، فيما الأساس سيكون على ما سيحصل على ضفّة قوى المعارضة التي تسعى إلى التحالف
مع المجتمع المدني. الأيام المقبلة، ستتكفل بإنضاج بعض هذه التحالفات، لاسيما بين أحزاب
قوى 14 آذار التي رفضت التسوية، كالكتائب والأحرار، وبعض المستقلين، بالإضافة إلى اللواء
أشرف ريفي، وبعض منظمات المجتمع المدني. يعتبر هؤلاء أنه بتكتلهم سيستطيعون تحقيق خروقات
عدة في دوائر عدة. لكن هذه النتائج أيضاً ستتوقف على موقف القوات وإذا ما كانت ستنضم
إلى هذا التحالف، أم ستكون خارجه.
المصدر: المدن الالكترونية.
الآراء
الواردة في المقال تعبّر عن رأي صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".