من يساعدنا إذا لم نساعد أنفسنا؟!
حزيران 21, 2023

د. وائل نجم

الأسبوع الماضي في الرابع عشر من حزيران انعقدت جلسة مجلس النوّاب الثانية عشرة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ثمّ طار النصاب، وطار معه انتخاب الرئيس، وطارت معه فرص الولوج إلى الحلّ، وعادت الأمور إلى المربّع الأول، مربّع الانتظار والمراوحة والحديث الممجوج عن الحوار والتفاهم والاتفاق في وقت يتمسّك كلّ فريق وطرف بمواقفه دون أن يتزحزح عنها قيد أنملة. فكيف يمكن أن يتولّد الحلّ؟!

جلسة الرابع عشر من حزيران أثبتت عملياً ما كان وما يزال يقوله الجميع من أنّ أيّ فريق من القوى السياسية التي تشغل مقاعد المجلس النيابي لا يمكنه انتخاب رئيس لأنّه ببساطة لا يملك الأغلبية لتأمين انعقاد الجلسة أو لتأمين الأغلبية لمرشحه، فماذا يعني الانتظار إذاً؟؟

الانتظار يعني بصراحة المكابرة والمزيد من المتاجرة بمستقبل وحياة ومعاناة اللبنانيين لحساب مصالح خاصة ضيّقة وحزبية أو ربما طائفية مذهبية، إذا لم نقل لحساب قوى خارجية تستخدم لبنان في مفاوضاتها أو في صراعاتها الإقليمية والدولية. وماذا يفيد اللبنانيين هذا الانتظار؟ سوى أنّهم يدفعون الأثمان من أموالهم واستقرارهم وحياتهم ومستقبل أبنائهم!!

آن الأوان كي يدرك الجميع أنّ البلد لم يعد يحتمل، وأنّ الاستمرار بهذه الحالة من المراوحة يؤسّس في وجدان اللبنانيين لحالة من الغضب أو من الحقد على بعضهم بحيث يكرّس هذا الانتظار والمراوحة حالة الانقسام والتشرذم، وربما ينزلق بنا جميعاً إلى أتون فتنة لا نعمل من يخرج منها وكيف يخرج منها لأنّ الذي يظنّ نفسه فيها بطلاً ويملك زمام الأمور والقوّة سيجد نفسه بعدها جريحاً وخاسراً وربما خسراته لن تقلّ عن غيره أبداً.

المنطق الطبيعي أنّ يتوجه الجميع إلى الحوار والتلاقي الذي يتحدثون عنه جميعاً، ولعلّ أول ما يجب فعله كبادرة حسن نيّة تجاه الآخر أن يعمد كل طرف إلى سحب مرشحه إلى الرئاسة من التداول، فالبلد أكبر من الجميع، وأن يتمّ اقتراح جدول زمني لحوار حقيقي يوصل إلى التلاقي وإلى الشخصية التي يثق الجميع بقدرتها على إدارة البلد في هذه المرحلة ووضعه على سكّة الحلول.

من الواضح أنّ معظم الأطراف تراهن على دعم خارجي في مواقفها الداخلية وفي صراعها المستميت من أجل الاستفراد بالسلطة والهيمنة عليها، ولكنّي لا أدري إذا كانت هذه الأطراف تعرف وتعلم أنّه بالنسبة للخارج فإنّ مصالحه مقدّمة على أيّ اعتبار آخر مهما قدّم من التزامات وتحدّث عن تضحيات أو مساعدات أو كلّ ما هو من قبيل هذا الكلام المعسول. الخارج يكل تلاوينه وأطرافه يستخدم بلدنا ساحة لتحقيق مصالحه أو لإدارة صراعاته، فيما نحن للأسف نقدّم أنسفنا قرابين على مذابحه ظنّاً منّا أو توهّماً أنّنا نخدم من نمثّل في هذه التركيبة العجيبة الغريبة الفريدة!.

آن للجميع أن يعرفوا أنّ الحلول في هذا البلد تبدأ من مساعدة اللبناني لنفسه واعتماده عليها، وليس من خلال الاعتماد على الخارج تحت أي عنوان أو ظرف أو سياسة، وآن أنّ نساعد أنفسنا ونردعها عن غيّها حتى يساعدنا الآخرون من دون أن يفكّروا للحظة واحدة استخدام بلدنا وقدرتنا وثروتنا في حقول تجاربهم الحربية والسلمية على حدّ سواء.

الآراء الواردة في المقال تعبّر عن صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".