منير الربيع
في متن كلامه التهديدي
والتصعيدي، قال أمين عام حزب الله حسن نصرالله، إن أي عملية أمنية إسرائيلية تستهدف
تصفية أو اغتيال شخصية ما سيكون الردّ عليها تلقائيًا. كلام نصرالله هذا ينطوي على
مقاربة أمنية جديدة لدى حزبه، تنطوي على احتمال أن تنفذ إسرائيل عمليات اغتيال كوادر
في المقاومة في لبنان، سواء أكان هؤلاء من حزب الله أو من الفصائل الفلسطينية المتحالفة
معه.
من غزة إلى لبنان؟
ليس الجديد هو تعهد نصرالله
الردّ على أي عملية أمنية أو عملية اغتيال. فهذا من ثوابت حزب الله أصلًا. الجديد يتعلق
بدراسة احتمالات نقل العمليات التي حصلت في غزّة إلى لبنان.
كان واضحًا أن العمليات
الإسرائيلية في غزة غايتها تنفيذ اغتيال كوادر في الجهاد الإسلامي. في السابق طالت
عمليات الاغتيال الإسرائيلية كثرة من المسؤولين الإيرانيين، سواء في المشروع النووي
أو ضباطًا في الحرس الثوري. لكن العمليات تجنّبت اغتيال أي من مسؤولي حزب الله. وفيما
تستبعد إسرائيل دخولها في حرب مفتوحة أو موسعة، حذر نصرالله سابقًا من لجوئها إلى عمليات
أمنية وتفجيرات تستهدف مواقع، لا تترك أي بصمات تلزم حزب الله بالردّ عليها. أما حاليًا
فثمة شيء تغير في حسابات الحزب عينه. فهو يدرس احتمالات وخيارات وآليات رده على أي
عملية قد تقدم عليها إسرائيل.
مفاوضات فيينا وهوكشتاين
لا شك في أن كلام نصرالله
لا يمكن فصله عن مسار المفاوضات الحاصلة بين إيران والغرب، وعن انتظار الجواب الإسرائيلي
على المقترح اللبناني في شأن ترسيم الحدود. ففي فيينا ثمة تقارب يتحقق للوصول إلى اتفاق.
وهناك احتمال وضع اتفاق إطار لإحياء الاتفاق النووي. هذا ينعكس إيجابًا على الوضع في
لبنان وعلى موضوع الترسيم، لا سيما أن حزب الله لا يزال يرفض مبدأ تأجيل الترسيم، مقابل
تأجيل الاستخراج من حقل كاريش. وهو يصر على المهلة حتى أيلول المقبل لإنجاز الاتفاق.
في هذا الوقت برزت أخبار
تتحدث عن زيارة آموس هوكشتاين إسرائيل، ولقائه مسؤولين فيها، علمًا أن معلومات أخرى
تفيد أن هوكشتاين يقضي إجازة في إسرائيل. وحزب الله ينتظر ما يصدر عن الإسرائيليين،
ومسار المفاوضات النووية. وعلى أساس ذلك يحدد خطواته، ودعا مجاهدي المقاومة إلى الجهوزية
الكاملة: "لأننا وصلنا إلى آخر الخطّ. وسنستمر إلى آخر الطريق. وعلينا الاستعداد
لكل الاحتمالات"، قال نصرالله.
تراجع عن وحدة الجبهات
وفي مضمون كلامه عن الرد
على أي عملية قد تستهدف كوادر وشخصيات في لبنان، يظهر تراجعه عن مبدأ وحدة الساحات
أو الجبهات. فعندما يقول إن أي عملية استهداف أو اغتيال في لبنان لن تمرّ بلا ردّ،
يعني أنه يفصل بين الساحة اللبنانية والساحة الفلسطينية، وتحديدًا غزّة. هذا رغم أن
حركة الجهاد الإسلامي أقرب إلى حزب الله من حماس. وأمين عام الحركة زياد النخالة وافق
على الهدنة من طهران.
أما مبدأ كسر وحدة الجبهات
فيتكرس في سوريا منذ فترة طويلة. فنصرالله كان قد أعلن أن أي ضربة يتعرض لها لبنان،
يكون الردّ عليها مباشرًا، ما يعني إسقاط الضربات التي تتعرض لها سوريا من مبدأ وحدة
الجبهات.
إسرائيل وحساباتها الخاطئة
ثمة قناعة لدى البعض أن
اقتراب موعد إبرام الاتفاق النووي يزيد من احتمالات عمليات إسرائيل الأمنية، لا سيما
بعد عدم موافقة إيران على وقف أنشطة الحرس الثوري في المنطقة. والحسابات الإسرائيلية
يجب أن تؤخذ في الاعتبار. لا سيما أن المسؤولين فيها حاليًا يحتاجون إلى تثبيت شرعيتهم،
وقد يقترفون خطأ ما في حساباتهم حيال لبنان.
وهنا ثمة من يذكر بحرب
عناقيد الغضب سنة 1996، حينما لم يكن أحد يتوقع أن يذهب شيمون بيريز إلى حرب.
المصدر: المدن.
الآراء الواردة في المقال تعبّر عن رأي صاحبها ولا تعبّر
عن "آفاق نيوز".