صلاح سلام
المبادرة التي إتخذتها الحكومة بإرسال
وفد وزاري للتضامن مع سوريا، تستحق الوقوف عند مغزاها وأبعادها الوطنية والقومية، ومدى
ملاءمتها مع المصلحة اللبنانية العليا، بعيداً عن حساسيات وعُقد الماضي القريب، وبمنأى
عن القطيعة التي حصلت بين البلدين الشقيقين، إثر إغتيال الرئيس رفيق الحريري، وخروج
الجيش السوري من لبنان كرهاً في أواخر نيسان ٢٠٠٥.
الكارثة التي حلّت بالشعب السوري الشقيق
لا تحتمل ترف النقاش حول مصير العلاقة المُعلّقة مع النظام، وتجميد العمل بإتفاقية
التعاون والتنسيق (الشهيرة) بين البلدين، لأن المساعدة اللبنانية، على رمزيتها، موجهة
أساساً للأشقاء السوريين المنكوبين بتداعيات الزلزال المدمّر الذي ضرب شمال سوريا،
وأوقع خسائر فادحة بالبشر والحجر، حيث عدّاد الضحايا يسجل إرتفاعاً بين يوم وآخر، وبات
مئات الألوف بلا مأوى بعدما تهدمت منازلهم.
ومن المفترض أن تؤدي الخطوة اللبنانية
إلى ترطيب أجواء العلاقة بين بيروت ودمشق، خاصة على خلفية حاجة الطرف اللبناني لتمرير
شحنات الغاز المصري، عاجلاً أم آجلاً، عبر الأراضي السورية، وكذلك بالنسبة لإستجرار
الكهرباء من الأردن، عندما يُفرج البنك الدولي عن القرض الموعود لمؤسسة الكهرباء، بعد
تحقيق الإصلاحات المطلوبة طبعاً.
وبما أن وزير الأشغال أعلن فتح الموانئ
ومطار الرئيس رفيق الحريري الدولي أمام المساعدات الإغاثية الموجهة لسوريا، فإن على
الوزير المعني بشؤون الشحن إلى الخارج إيضاً، أن يُبادر بالطلب من السلطات السورية
المعنية، بإعادة النظر بالرسوم المرتفعة المفروضة على الشاحنات اللبنانية التي تحمل
الصادرات الزراعية والصناعية إلى أسواق دول الخليج العربي، لتخفيف الأعباء المفروضة
على المصدّر اللبناني، ولضمان وصول المنتجات اللبنانية بأسعار تنافسية إلى المستهلك
الخليجي.
كما أن على السلطات اللبنانية المعنية
إتخاذ الإجراءات اللازمة على المعابر الحدودية، خاصة المعابر غير الشرعية، لضبط حركة
الإنتقال، الفردي والعائلي، بإتجاه لبنان، وتجنب حصول عمليات نزوح جديدة من المناطق
السورية المنكوبة، خاصة وأن نسبة كبيرة من النازحين السوريين المقيمين في لبنان ينتمون
إلى عائلات تلك المناطق التي أصابها دمار واسع نتيجة الزلزال الأخير.
لعله من المبكر الحديث عن التطبيع الكامل
بين البلدين المتجاورين، والذي دونه معطيات وصعوبات حالياً، ولكن المبادرة الأخوية
اللبنانية يجب أن تلقى التقدير اللازم في دمشق.
المصدر: اللواء.
الآراء الواردة في المقال تعبّر عن
رأي صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".