هل توقف القمتين عدوانية إسرائيل لرسم الخرائط الجديدة؟
تشرين الثاني 10, 2023

د. محمد موسى

الكل بانتظار قمتي الرياض المقبلتين الأولى للعالم الإسلامي و الثانية للعالم العربي و ما بينهما وقبلهما العالم كله يتفرج وربما تحلو لبعضه الفرجة على الدم الفلسطيني المسفوك ليل نهار بآلة القتل الإسرائيلية المدعومة اميركيا" وغربيا" تحت عنوان متطلبات المرحلة الجديدة، والتي تجلت بمصطلح اجتثث حماس على غرار ما جرى من قبل في كل حروب المنطقة تارة اجتثث منظمة التحرير و تارة اجتثث الإرهاب و تارة اجتثت طالبان و تارة اجتثث البعث و تارة اجتثث حزب الله و اليوم اجتثث حماس ، ولكن الجامع المشترك لكل ما سبق هو انه فقط يجتث المدنيين و المؤسسات و يضرب دور الدولة المركزية ثم يقوض عودتها و الحصيلة ان كل هذه الأهداف المعلنة تسقط في لحظة التوافق الدولي الإقليمي على أرضية الحلول و تسقط كل كليشيهات الحرب ، ولكن من يعيد المدنيين ؟ثم أنه من يعيد الدولة المفقودة؟ ومن يعيد كل ما سقط بالمعنى الإنساني والسياسي والاقتصادي والأخلاقي حينما يتفقون.!!! إننا في زمن العولمة التائهة والتي تسقط معها الكثير من مفاهيم الدول والتي ارست ما بعد الحرب العالمية الثانية واعتقد جازما" ان الأمم المتحدة باتت أمم لا متحدة والقانون الدولي أصبح خرقة كما اتفاقيات جنيف الأولى والثانية والثالثة والرابعة وحقوق الانسان وحقوق الطفل والمرأة فكل ذلك سقط في واد سحيق عنوانه لامبالاة الغرب ونفاقه في ازدواجية المعايير وعليه بات العالم كله يحتاج الى صيانة على غرار الآلات المهترئة إذا جاز التعبير.

و انطلاقا" من تجليات الصيانة التي تحتاجها كل منظمات و مؤسسات العالم الدولية الكبرى ، اسمحوا لنا ان نهذي قليلا" و نتأمل ان يعي قادة العالم العربي و الإسلامي اننا على أبواب القمتين القادمتين في ارض الحرمبأن هناك الأراضي المقدسة في فلسطين تنتهك بمسيحيها و مسلميها كل يوم و يقتل ابناءها و تقصف كنائسها و مساجدها و لابد لكم من وقف حمام الدم المسفوك على يد الإسرائيلي بطريقة وحشية ليس اقلها (البنكير باستر الأميركية الصنع) وهذا اول المطلوب و ذلك ليس ليكون حبر على ورق انما يُستعمل لأجله كل الأدوات المتاحة وانتم اعلم بها منا مع علمنا بقدرة اوراقكم الكثيرة الفاعلة امام الإسرائيلي و الأميركي في آن.

اما ثاني المطلوب هو القول ان الحديث فيما بعد الحرب و نتائجها التي لم تبلور اليوم ليس له معنى ما لم تقف الحرب و آلة القتل الممنهج ثم يأتي بعدها كل النماذج و وجهات النظر و كل الإمكانات لدعم ضمن الية حل مقبول تحت اطار حقوق الشعب الفلسطيني بكل اطيافه وضمن المقبولية الإسلامية المسيحية المشرقية العربية وما اصعبها من معادلة ولكنها ليست بمستحيلة الايجاد اذا ما بعدت النكايات وصدقت النوايا وصفت الرغبة في الوصول الى الحل المنشود بإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة و قابلية للحياة وعاصمتها القدس الشريف على غرار دول كثيرة أنشئت ونهضت في العقود الأخيرة تحت راية الشرعية الدولية و التي نقبلها اليوم على مضض.

اما ثالثة الأثافي فعنوانها صيانة الابعاد الجيو-سياسية للمعركة عن غزة نفسها بمنع الترانسفير الجديد وعدم السماح بنكبة جديدة على غرار نكبة 1948 فكم هو معيب ان يشهد النظام العربي نكبة فلسطين مرتين دون ان يحرك ساكن الا عبر الشاشات و الادهى من ذلك الخطر على باقي الجبهات و على راسها لبنان المتعب اقتصاديا و سياسيا" وامنيا الا ما خلى من روح شعب ابي عصي على الذل و الهوان ،والى الأردن حيث المؤامرة الأولى لخلق دولة من رحم دولة أخرى و تغير الجغرافيا السياسية و محو الذاكرة و القضية وضرب الأردن بقاء ووجود عبر القضية الفلسطينية وهذا لابد ان يكون خط احمر للقمة ، كيف لا اذا ما ترافق مع خطر واضح على الامن القومي العربي برمته وتحديدا" على الشقيقة الكبرى مصر و سيناء و ارضها المخضبة بالدماء الطاهرة لطرد الغزيين نحوها، ان المسألة لا تحتمل البيانات الفارغة .... انه الامن القومي العربي حقيقة فالمرحلة دقيقة بامتياز فلا مجال لإدخاله البازارات يا سادة وإلا ستسقطون واحد تلو الاخر والأيام دول وكاشفة لما هو قادم والذي نحسبه خطرا" كبير.

ان العرب بحاجة للصراحة والمصارحة فيما بينهم ولابد من حديث بل كفوف ولا مواربة، والعمل على إيجاد أرضية من التعاون مع دول الإقليم الفاعلة تحت مظلة الاحترام والتعاون الاقتصادي المقرون باحترام سيادة الدول ولقاء تحولات العالم الجديد المتعدد الأقطاب سياسيا" واقتصاديا" في مساحة حقيقية لمن يلاقي مصالحنا وحقوقنا كعرب.

ان الساعة اليوم لملاقاة الشباب العربي و هم الكتلة الوازنة و لإدخال الفرح ليس لشعوب دول بعينيها بل لشعوب أمة بأسرها والا بقينا على ما قال الشاعر الكبير نزار قباني منذ عقود خلت:

ما للعروبـةِ تبدو مثلَ أرملةٍ؟ أليسَ في كتبِ التاريخِ أفراحُ؟

ليس من عادة الشارع العربي الاستبشار من القمم العربية والإسلامية ونتائجها ومخرجاتها ولكننا مجبولون بالتفاؤل كمسلمي ومسيحيين اهل الأرض وذلك ايمانا" وقيامة" وقيما"، ولنا في ان تحمل الرياض ومعها الخيرين القدرة على لملمة الأمور خاصة بعد مصالحة بكين مع طهران والقرب من انقرة مؤخرا" لبلورة مبادرة إسلامية جديدة للسلام الكامل والشامل او تفعيل مبادرة بيروت بالحد الأدنى للوصول الى حلول سريعا"!!!! للأسف لا زلنا نكتب ونتمسك بالأمل وعدوانية وهمجية إسرائيل مستمرة فهل تكون القمتين القادمتين مدخلا لرسم حلول لغزة وفلسطين وكل المنطقة أو ان ما كتب قد كتب ونحن في طريقنا الى مزيد من النكبات وعلى العرب السلام؟

الآراء الواردة في المقال تعبّر عن رأي صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".