د. وائل نجم
من المفترض أن يعقد المجلس النيابي جلسة انتخابية يوم الأربعاء في 14
حزيران لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. هي ستكون الجلسة الثانية عشرة إذا انعقدت.
أقول إذا انعقدت لأنّه يحيطها كمٌّ كبير من الضغوط من قبل الأطراف كافّة، وقلق
وتوتّر ينتب الجميع جرّاء عدم ضمان نتيجة الفوز لأيّ من المرشحين، أو بشكل آخر،
غدر الأطراف والكتل النيابية ببعضها البعض بحيث أنّه يتمّ انتخاب رئيس في لحظة غدر
من فريق بفريق آخر.
وبات من المعروف أنّ مرشحين يتنافسان في هذه الجلسة. النائب السابق ورئيس
تيّار المردة سليمان فرنجية مدوعوماً من الثنائي الشيعي (حركة أمل وحزب الله) بشكل
أساسي مع بعض النوّاب. ويصل عدد هذا الفريق نيابياً إلى حوالي 43 نائباً. والوزير
السابق جهاد أزعور مدعوماً من الكتل النيابية المسيحية (التيار الوطني الحر
والقوات اللبنانية والكتائب اللبنانية) مع نوّاب آخرين مستقلين وتغييريين. ويصل
عدد هذا الفريق نيابياً إلى حوالي 58 نائباً. وهناك فريق ثالث من النوّاب،
والحقيقة هو ليس فريقاً واحداً إنّما أقصد النوّاب الذين لم ينضمّوا إلى الفريق
الداعم لفرنجية أو الفريق الداعم لأزعور وهو حوالي 27 نائباً يمكن أن يشكلّوا
بمجموعهم الفريق الثالث.
والمعروف أنّ الفائز بالرئاسة يحتاج وفق الدستور في الجولة الأولى من جلسة
اليوم (هناك جدل ونقاش حول هذا التفسير) إلى 86 صوتاً هم ثلثا عدد أعضاء المجلس
النيابي (128 نائباً)، كما تحتاج جلسة الانعقاد إلى نصاب الثلثين (86 نائباً) حتى
تنعقد دستورياً. وبناء عليه فإنّه من المستحيل في الجولة الأولى من جلسة الأربعاء
أن يتمّ انتخاب رئيس نظراً لاشتراط حصول المرشح الفائز على ثلثي أصوات عدد المجلس
(86 نائباً)، خاصة وأنّ الكثير من النوّاب المستقلّين عبّروا عن مواقفهم من المرشحين.
كما وأنّه ليس هناك ما يضمن انعقاد الجولة الثانية من جلسة الأربعاء خاصة وأنّ
الفريقين الرئيسيين عبّر كلّ منهما عن نيّته الإطاحة بنصاب الجولة الثانية فيما لو
فشلت الجولة الأولى في انتخاب رئيس، وبالتالي فإنّه لا نصاب لجولة ثانية من جلسة
يوم الأربعاء، وبالتالي فلا رئيس في هذه الجلسة.
هل تفتح جلسة اليوم ونتيجتها الأبواب أمام خيار ثالث أو مرشح ثالث توافقي
بين الجميع يكون له القدرة على النهوض بالبلد، ويكون محل ثقة الجميع فيبدّد كل
الهواجس ويشكّل ضمانة وطنية لكل الأطراف؟
إذا صفت نوايا الأطراف، وهذا ما يجب أن يحصل في ظلّ الأزمة الاقتصادية الخانقة
والضاغطة، وفي ظل انسداد أفق الحلول السياسية، وفي ظل حالة التشظي والتشرذم أو
توزّع القوى في المجلس النيابي، وفي ظلّ الأوضاع الإقليمية من حول لبنان، فإنّ
الأصل أن تبدأ كلّ القوى في البحث عن الخيار الثالث أو المرشح الثالث التوافقي،
وعلى المرشحين أيضاً أن يقنعا أنّه لا حظّ لأيّ منهما في الرئاسة اللبنانية هذه
المرّة، وبالتالي من الأفضل والأكرم بالنسبة لأيّ منهما أن يعلن انسحابه من السباق
الرئاسي، وأن ينصرف لممارسة أي عمل آخر. وكذلك الأمر بالنسبة للكتل والأطراف فإنّه
بات لزاماً عليها أن تعتذر من مرشحها، وأن تبدأ رحلة البحث عن مرشح ثالث بالحوار
والتفاهم فيما بين الجميع، وأمّا الإصرار على مرشح غلبة فإنّه يعني بما لا يدع
مجالاً للشكّ الإصرار على سياسة الفرض والإرغام وهو ما يؤسّس لاحقاً لعداوات
وخصومات ولمنطق الهيمنة والفرض عندما يشعر أي فريق أو طرف في لحظة من اللحظات
بفائض قوّة، وبالطبع فإنّ هذا المنطق لا يرسي استقراراً في البلد فضلاً عن أنّه
يجعل لبنان يعيش دوّامة الصراعات على الدوام.
الخيار الثالث، أو المرشح الثالث التوافقي بات ضرورة ملحّة لملء الشغور
الرئاسي وبدء رحلة التعافي والخروج من الأزمات، وإلاّ فإنّ لبنان قد ينزلق بقرار
أو من دون قرار إلى أتون فوضى قد تعصف بكل شيء في هذا البلد وعندها لا ينفع الندم
ولا يفيد الوقوف على الأطلال.
الآراء الواردة في المقال تعبّر عن صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق
نيوز".