منير الربيع
آموس هوكشتاين إلى بيروت مجدداً. على
جدول أعماله أكثر من ملف. تستبق زيارةُ مستشار الرئيس الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي
إلى لبنان، زيارةَ المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان. لا تعارض بين مهمة المبعوث الأميركي
والمبعوث الفرنسي. لكن زيارة هوكشتاين من شأنها أن تعيد بعض الحرارة إلى ملفات لبنانية
متعددة. كان يفترض أن يزور المسؤول الأميركي لبنان بالتزامن مع إطلاق عمل منصة التنقيب
عن الغاز في البلوك رقم 9. لكن تأجل موعد الزيارة إلى الأسبوع الأول من أيلول. وهي
ستكون حافلة بجملة ملفات، أهمها إطلاق دورة التراخيص للاستثمار في البلوكين 8 و10 جنوباً
أيضاً.
التنقيب والترسيم
معروف أن هوكشتاين هو مهندس كل عمليات
الاستثمار وتوزيعها بين الشركات، وهو الذي كانت له يد طولى في ترتيب عملية الاستثمار
في البلوك رقم 9 بين تحالف شركات، توتال الفرنسية بنسبة 35 بالمئة، وإيني الإيطالية
بنسبة 35 بالمئة، وقطر للطاقة بنسبة 30 بالمئة. حسب المعلومات المتوفرة، فإن توتال
أبدت حماستها واستعدادها للاستثمار في البلوكين 8 و10، وسط تقديرات بأن يؤول التنقيب
فيهما للتحالف نفسه. وهو ما سيكون هوكشتاين مشرفاً على تفاصيله. ومن أهم ما يركز عليه
المبعوث الأميركي، هو ضمان الاستقرار في الجنوب، طالما أن لبنان قد باشر عمليات التنقيب،
وإسرائيل تعمل على الاستخراج.
لعب هوكشتاين دوراً أساسياً وبارزاً
في الوصول إلى حلّ لترسيم الحدود البحرية، وتسجيلها في الأمم المتحدة. وهذا ما يفتح
المجال أمام إمكانية البحث في ترسيم الحدود البرية، أو إظهار تلك الحدود، كما يؤكد
لبنان، باعتبار أن الحدود مرسمّة وهناك نقاط عالقة لا بد من معالجتها وإظهارها وانسحاب
العدو الإسرائيلي منها، من بينها الطريق التي تم شقها مؤخراً في خراج بلدة كفرشوبا
وتم تعبيدها وتزفيتها، بحضور وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية لإثبات لبنانيتها.
يأتي ذلك وسط مساع لبنانية في الأمم المتحدة، هدفها تغيير إسم شمال بلدة الغجر إلى
"خراج بلدة الماري"، أيضاً تأكيداً للبنانيتها. في هذا السياق، فإن هوكشتاين
سيطرح ملف إنهاء الترسيم البري وتسجيله في الأمم المتحدة. ولكن مصادر متابعة تقول،
إنه لا يمكن إنجاز ذلك من دون وجود رئيس للجمهورية، لأن الرئيس هو الذي سيعمل على إيداع
المذكرة، وستمهر بتوقيعه.
تكريس الاستقرار
مسار إظهار الحدود البرية سيكون بحاجة
إلى وقت، وإلى جولات مكوكية أيضاً، سيقوم بها هوكشتاين، وسط تضارب في المعلومات بين
إمكانية الوصول إلى صيغة متوافق عليها سريعاً، أو إحتمال أن لا يكون هناك جهوزية لذلك،
فتبقى الأمور معلّقة. تولي واشنطن اهتماماً أساسياً للإنتهاء من ملف الترسيم البري
بعد البحري، وذلك لتكريس مبدأ الاستقرار جنوباً، فيما تريد تل أبيب من وراء ذلك أن
تستكمل بناء الجدار العازل على طول الحدود مع لبنان. ولكن أحد جوانب هذا المسار، يراد
منه أيضاً خلق المزيد من الجدالات اللبنانية أو الدولية حول دور حزب الله وسلاحه. إذ
أن جهات عديدة ستنتظر انتهاء ملف الترسيم أو إظهار الحدود البرية، لتعيد التصويب على
سلاح الحزب وانعدام الحاجة إليه، بعد إنجاز ترسيم الحدود البرية والبحرية مع إسرائيل.
هنا لا يمكن إغفال مسألة أساسية تتعلق
بمزارع شبعا وتلال كفرشوبا، والتي يعتبرها لبنان أراض لبنانية لا بد من تحريرها. في
هذا السياق، لا يمكن إنجاز ملف الترسيم من دون الوصول إلى حلّ نهائي لتلك المنطقتين،
خصوصاً أن الحزب يلتزم بتحريرهما وانسحاب قوات العدو الإسرائيلي منهما. وحتى لو حصل
ذلك، لن يكون هناك بالنسبة إلى حزب الله أي طرح يسمى "سحب سلاح المقاومة"
أو انتفاء الحاجة إليه، لأنه في الأساس جزء من توازن الردع، وهو سلاح دفاعي في مواجهة
أي محاولة من قبل العدو الإسرائيلي للقيام بأي اعتداء برّي أو بحري. كما أن السلاح
ستكون مهمته حماية عملية استخراج الغاز وتصديره لاحقاً، وفق أدبيات الحزب.
المصدر: المدن.
الآراء الواردة في المقال تعبّر عن
رأي صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".